الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال
الناشر
مكتبة العلوم والحكم
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
الكريم قد بلغ كل ما أُمر به، وكان أحرص ما يكون على أمته، بما هو متواتر من جهاده وتضحيته، وأخباره الدالة على ذلك، علمنا علمًا يقينيًا لا يشوبه أدنى شك، أنه لو كان الأمر كما يذكر هذا الرافضي من الوصف لهذا الكتاب من أن به عصمة الأمة من الضلال في دينها، ورفع الفرقة والاختلاف فيما بينها، إلى أن تقوم الساعة، لما ساغ في دين ولا عقل أن يؤخر رسول الله ﷺ
كتابته إلى ذلك الوقت الضيق، ولو أخره ما كان
ليتركه لمجرد اختلاف أصحابه عنده (١) وقد ثبت من سيرته أنه لربما راجعوه أحيانًا في بعض المسائل مجتهدين، فما كان يترك أمر ربه لقولهم، كمراجعة بعضهم له في فسخ الحج إلى عمرة في حق من لم يسق الهدي، وذلك في حجة الوداع، وكذلك مراجعة بعضهم له يوم الحديبية، وفي تأمير أسامة (٢) ﵁، فهل يتصور بعد هذا أن يترك أمر ربه فيما هو أعظم من هذا لخلافهم، ولو قدر أنه تركه في ذلك الوقت لتنازعهم عنده لمصلحة رآها فما الذي يمنعه من أنه يكتبه بعد ذلك، وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك عدة أيام فقد كانت وفاته ﵊ يوم الإثنين على ما جاء مصرحًا به في رواية أنس في الصحيحين (٣) وحادثة الكتاب يوم الخميس بالاتفاق.
فإن أبى الرافضي إلا جدالًا، وقال: خشي أن لا يقبلوه منه، ويعارضوه فيه، كما تنازعوا عنده أول مرة، قلنا: لا يضره ذلك وإنما عليه البلاغ كما قال تعالى: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن
تولى فما أرسلناك عليهم حفيظًا﴾ . (٤)
فإذا ثبت هذا باتفاق السنة والرافضة، أن رسول الله ﷺ لم يكتب ذلك الكتاب حتى مات، علمنا أنه ليس من الدين الذي أمر بتبليغه،
(١) ذكر هذا الوجه من الردّ الدهلوي. انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية ... ص٢٥١.
(٢) انظر: الأحاديث في ذلك من صحيح البخاري مع الفتح ٣/٦٠٦، ... ح١٧٨٥، ٨/٥٨٧، ح٤٨٤٤، ٨/١٥٢، ح٤٤٦٨، ٤٤٦٩.
(٣) انظر: صحيح البخاري مع الفتح ٨/١٤٣، ح٤٤٤٨، وصحيح مسلم ... ١/٣١٥، ح٤١٩.
(٤) سورة النساء ٨٠.
1 / 165