المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
المبحث السادس: حكم الخروج على الحاكم الفاسق
يشترط العلماء شروطًا عدة لا بد من توفرها في الحاكم أو الخليفة أو إمام المسلمين، منها العدالة وهي أن يكون مراعيًا لجانب الدّين قائمًا بأوامر الله متجنبًا لنواهيه؛ لأن من أعظم المصالح المقصود تحقيقها بالولاية والإمامة إقامة الدّين بين الناس بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ورد المظالم وردع الظالم ونحو ذلك من المصالح الدينية والدنيوية ١.
والفاسق كما يقول شارح الطحاوية ﵀:“وهو من أظهر بدعة وفجورًا لا يرتب إمامًا للمسلمين فإنه يستحق التعزير فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسنًا” ٢.
فإذا كان فاقدًا للعدالة في نفسه، فلن يقيم العدالة والحق في غيره، فلا يجوز عقد الولاية للفاسق ابتداءً ٣.ولكن إذا تغلب على الحكم فاسق قد صارع في الأمر وقاتل حتى استطاع أن يغلب الناس ويتولى عليهم بالقوة ٤، أو كان مستورًا حاله ثم ظهر فسقه وبان عن الدّين انحرافه فهل تسقط طاعته ويجوز
_________
١ انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص:٦)، القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية (ص:٣٥٢)، لوامع الأنوار البهية (ص:٤٢٣) .
٢ شرح الطحاوية (ص:٤٢٣) .
٣ فتح الباري (١٣/٨)، شرح النووي على مسلم (١٢/٤٣٣) .
٤ يرى العلماء صحة ولاية المتغلب وذلك دفعًا لشره، قال الإمام أحمد في رسالته إلى عبدوس (وأمير المؤمنين البر والفاجر من ولى الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن خرج عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين) .انظر طبقات الحنابلة (١/٢٤٤)، "وقد اجمع الفقهاء على طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه". وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ﵀ كما في الدرر السنية (٧/٢٣٩):الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء".
1 / 109