المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
أما أصحاب القول الثاني فلاحظوا أن الشارع أثبت هذا المسمى لمن وقع في بعض الكبائر كما في قوله تعالى ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ...﴾ . فسماهم مؤمنين مع وقوع الاقتتال بينهم ١.
وقد أجاب عن ذلك أصحاب القول الأول: بأن هذا الإطلاق إنما هو على اعتبار أنهم مؤمنون في الأحكام والمواريث وليس في الإطلاق العام، وهم يقولون إن مرتكب الكبيرة يسمى مؤمنًا على هذا الاعتبار.
روى الآجري بسنده عن سفيان الثوري أنه قال: “ الناس عندنا مؤمنون في الأحكام والمواريث، ولا ندري كيف هم عند الله ﷿ ونرجو أن نكون كذلك” ٢.
وذكر شيخ الإسلام أن الشالنجي قال: سألت الإمام أحمد عمن قال: أنا مؤمن عند نفسي من طريق الأحكام والمواريث، ولا أعلم ما أنا عند الله، قال: ليس بمرجئ.
قال شيخ الإسلام: وبه قال أبو خيثمة وابن أبي شيبة ٣
قال أبو عبيد معللًا وجه الاستثناء في الإيمان عند السلف: مخافة ما أعلمتكم في الباب الأول من التزكية والاستكمال عند الله، وأما على أحكام الدنيا فإنهم يسمون أهل الملة جميعًا مؤمنين؛ لأن ولايتهم وذبائحهم وشهادتهم ومناكحتهم وجميع سننهم إنما هي على الإيمان ٤.
فمن هذا يتضح أن القولين متقاربان إلا أن القول الأول وهو من يرى عدم جواز إطلاق اسم (مؤمن) على مرتكب الكبيرة أكثر التصاقًا بالنصوص
_________
١ انظر: تعظيم قدر الصلاة (٢/٥٤٣) .
٢ الآجري في الشريعة (ص:١٣٦) .
٣ الفتاوى (٧/٢٥٣) .
٤ الإيمان لأبي عبيد (ص:٦٨) .
1 / 81