156

دراسات أصولية في القرآن الكريم

الناشر

مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

فأصحاب هذا القول يرون أن اللغات توقيفية (١). وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يلى: أولا: قال تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا (٢) وجه الاستدلال: إن الله ﷿ أخبر بأنه علم آدم الأسماء كلها، وأن آدم ﵇ علم الملائكة تلك الأسماء، ومقتضى هذا أن كلا من آدم والملائكة لم يكن واضعا لها، وإلا لما احتاج إلى أن يتعلمها من غيره، فدل ذلك على أن الواضع هو الله ﷿ الذى علمها- كما أخبر- لآدم ﵇ وهو المطلوب. وقد قال بعض العلماء (٣): إن «علّم» معناه أوجد فيه العلم لأن التعليم تفعيل وهو لإثبات الأثر بالنقل عن أئمة اللغة، فيكون لإثبات العلم فى آدم ويلزم من ذلك التوقيف وذلك لأن الأسماء بأسرها توقيفية وذلك لعدم القائل بالفصل، ولأنه يتعذر الإعراب عن جميع المعانى التى فى النفس بالأسماء وحدها. أضف إلى ذلك أن الاسم مشتق من السمة، وهى العلامة والأفعال والحروف علامة على مسمياتها فلزم من ذلك دخولهما تحت قوله تعالى:

(١) معنى توقيفية: أى وضعية مجازا من إطلاق اسم السبب الذى هو التوقيف الذى معناه التعليم على متعلق المسبب وهو الإدراك ومتعلقه هو الوضع- حاشية البنانى ١/ ٢٦٩ - (٢) سورة البقرة آيتا: ٣١، ٣٢. (٣) حاشية البنانى ١/ ٢٧٠.

1 / 166