نظم حكم الأمويين ورسومهم في الأندلس
الناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
ومنذ تلك المحاولة الانقلابية الفاشلة شعر ابن أبي عامر بخطورة الأمويين عليه، فاستخدم معهم أسلوبًا قاسيًا، لشل حركتهم، وجعلهم دائمًا تحت رقابته، فقد بث عليهم العيون، وفرض عليهم الإقامة الجبرية في منازلهم، لا يغادرونها إلا لضرورة قصوى، كما منع الزيارات عنهم إلا لمن يأذن فيه من غلام أو وكيل أو معلم أو طبيب، وفوق كل ذلك كان يصطحبهم معه أثناء خروجه للغزوات، حتى ذلوا وانكسرت نفوسهم واشتغل كل منهم بأمره (^١).
وإمعانًا من ابن أبي عامر في الاحتياط لنفسه، ولشدة إعجابه بالخليفة عبد الرحمن الناصر وحرصًا منه على التشبه به، ابتدأ سنة (٣٦٨) هـ (٩٧٩ م) ببناء مدينة الزاهرة (^٢)، وبعد اكتمالها انتقل إليها واستوطنها ونقل إليها كافة دواوين الدولة (^٣)، وأمر كل من له حاجة أن يأتي إلى مدينته بدلًا من قصر الخليفة وأصبح هو الآمر الناهي، بعد أن
(^١) - أعمال الأعلام ٢/ ٧٦ - ٧٧.
(^٢) - مدينة الزاهرة Azzahira تقع شمال شرق قرطبة، مقابلة لمدينة الزهراء التي بناها الخليفة عبد الرحمن الناصر شمال غرب قرطبة، ورغم اهتمام المنصور بمدينة الزهراء إلا أنها لم تدم طويلًا، فقد خربت بعد وفاته بسبع سنين، انظر: البيان المغرب ٢/ ٢٧٥ - ٢٧٧، الروض المعطار، ص ٢٨٣ - ٢٨٤، ذكر بلاد الأندلس ١/ ١٨٠ - ١٨١، قرطبة حاضرة الخلافة ١/ ٢٥٨ - ٢٦٣.
(^٣) - البيان المغرب ٢/ ٢٧٥ - ٢٧٦، ذكر بلاد الأندلس ١/ ١٨١.
1 / 63