والحساب ولا تصير الأوقات كلها ليلا أو نهارا، قال الشيخ شرف الدين أحمد التيفاشي المصنف: (وليس في هذه الأقوال بيان في أن الليل قبل النهار في الوجود أو أن النار قبل الليل وهو محط السؤال) قال: (وأنا أقول أن الليل والنهار لا يخلو إما أن نعتبر وجودهما بالإضافة إلينا أو بالإضافة إلينا أو بالإضافة إلى العالم نفسه فإن كانا بالإضافة إلينا كانا في منزلة المضاف في المنطق كالأب والابن وإذا كانا كذلك لم يكن أحدهما متقدما على الآخر فإنا لا نعرف الليل إلا وقبله نهار ولا النهار إلا وقبله ليل لا يعرف الأب من حيث هو أب إلا ومعه الابن ولا الابن إلا ومعه أب. وسأل الاسكندر بعض الحكماء عن ذلك فقال (هما في دائرة واحدة والدائرة لا يعرف لها أول ولا آخر) وإن اعتبر وجودهما بالإضافة إلى العالم نفسه فلا يخلو أن يكون الاعتبار بالإضافة إلى العالم العلوي وهو من الفلك المحيط إلى مقعر فلك القمر أو إلى العالم السفلي وهو من مقعر فلك القمر إلى كرة الأرض فإن كان بالإضافة إلى العالم العلوي كما أعتبره السجاوندي كان ذلك باطلا إذ العالم العلوي لا ليل فيه ولا نهار إذ لا ظلام يتعاقب عليه فيسمى نوره نهارا بل الأجرام العلوية أجسام شفافة مضيئة نيرة بطبيعتها على الدوام نورا لا ظلمة تشوبه ولا غيمة تتعاقب عليه كما في هذا العالم وإن كنا نرى الشمس والقمر يكسفان عندنا فإنما ذلك لحائل يحول بين أبصارنا في هذا العالم وبين أدراك نوريهما وإلا فهما في عملهما على وتيرة واحدة من النور والضياء والبهجة لا تبديل لها ولا تغيير إلى أن يشاء العزيز القدير، وأن اعتبر وجود الليل والنهار بإضافتهما إلى العالم السفلي وهو من كرة الأرض إلى مقعر فلك القمر كان اعتبارا حقا وهو موضع البحث إلا أنه يجب أن يوجد اسما الليل والنهار هاهنا دالتين على النور والظلمة كما قال الخليل أن الليل عند العرب الظلام والنهار الضوء
1 / 9