مثلا، وإذا لاقت تلك القطع ترابا صلدا
5
لا يحفره الماء تكون غدير من الأعلى ومن الأسفل كما في الغابة البكر، ويتجمع الطحلب
6
في بعض الحفر، وتستلزم رطوبته تكوين طحلب آخر فتمتزج به أعشاب نابتة في وسط هذه البرك، ويغوص هذا النبات المتكاثف بالتدريج في الأرض ويثبتها فتطرد الماء وتتوارى البركة.
وتسد تلك الكتل النباتية العائمة، وتلك الحواجز أو الأسداد - كما يسميها العرب - المضغوطة بقوة الجريان والمجرورة حتى الممرات الضيقة ، حتى المنعطفات، مجرى النهر وتحمله على الانحناء والانعطاف غير مرة بقنوات جانبية قليلة العمق وتقف المجرى الأصلي، ثم يحيط الطين بالجذور التي تأخذ في النمو والتكاثر نحو كل جهة، والآن أين النهر؟ والآن أين النيل؟
والنيل كالرجل المسحور، موجود هنا وهنالك في آن واحد، ويتشعب ماء البحيرات الكبيرة في بلد جبال القمر ويتشتت في قنوات ملتوية وفي خلجان وبحيرات وبرك وأحواض، ويبلغ من العرض خمسة وعشرين كيلومترا ويتكمش أخدوده فلا يزيد على ستة أمتار، ومن مجاري الماء المستورة بالعشب المشتبك تتألف مسارب بالغة من اللين ما لا يتحرز منه الحيوان، والحيوان كلما كان ثقيلا اغترز بسرعة، وتسفر دقة أفخاذ الأوعال وأبقار الماء عن هلاكها، وعلى ما يتصف به الفيل من حذر بالغ يضل أحيانا فيزل، والنمل وحده هو الذي يجتنب الخطر لارتفاع قراياه
7
ثلاث أقدام فيحفظه ذلك من ارتفاع المياه، والزنجي يرد الطريدة إلى هذه البقاع كما يجتذبها الصائد الشمالي إلى المناقع.
وتذكرنا أخلاط النباتات هذه، وتذكرنا أنواع البسط المتلبدة هذه بحقول الخث
صفحة غير معروفة