7
والواقع أن الملح هو ذهبهم.
ويحزم الرجال تلك السلعة الرمادية المرة في أوراق من شجر الموز ويضعونها في غلف طويلة ضيقة مصنوعة من سيقان الخيزران ويحملونها على ظهورهم كأنها زوارق نيلية مصغرة، ثم يسيرون أياما بأسرها عراة مع حصير للنوم وقرع
8
مملوء ماء حتى ينتهوا إلى الأسواق التي يزن الملح فيها إخوان لهم ويعطونهم عوضا منها ذخائرهم من البردي والحبوب والخرز والرماح والجلود، وغاية القول أنهم يقايضون الملح الذي يحكه نساؤهم وأولادهم على أرض بلادهم بين الأبخرة الخانقة بما يحتاجون إليه في سكنهم ولباسهم وغذائهم وزينتهم وصيدهم، وهكذا يقوم بذلك العمل الطريف الذي يلوح أنه عريق في القدم أناس لم يسمعوا شيئا عن استغلال المناجم، وذلك في بقعة لم تطأها قدم إنسان أبيض منذ مائة سنة.
ويعيش شعب بالقرب من هنالك، وهو شعب أطرف وأقدم من ذلك، وهو شعب وحيد في أصله وقصر قامته، ويسكن هؤلاء الأقزام أحد سفوح جبال القمر، والآن ترانا أمام هذا الشعب الأفريقي الذي ظل حيث هو منذ أقدم الأزمان، ويروي أرسطو مؤكدا أن ذلك ليس من الأساطير، ويوري أرسطو أن أقزاما يسكنون كهوفا هنالك، وليس في رواية أرسطو من الأسطوري سوى ما عزي إلى أولئك القوم من حيازة أفراس صغيرة، ويلوح أن الأقزام هاجروا إلى السهوب المرتفعة من أفريقية الجنوبية في غضون القرون.
تمساح في النيل.
فلما أخذ الزنوج يفلحون المروج دحر أولئك إلى الآجام عن ضعف، وهنالك داوموا على التجمع في غابة الكونغو البكر موسعين رقعة أراضيهم إلى أن انتصب لهم زنوج البانتو الذين هم قوم طوال فردوهم مجددا، وهكذا ترى الأقزام ويدعون بالباكوا على العموم، وهكذا ترى الأقزام وهم قوم عند ولكن حذر ومزروبون ولكن مع مناعة، يعمرون أكثر من العروق المسيطرة التي لا يختلطون بها إلا نادرا، وللأقزام تعيين لسجيتهم بأجسامهم ومصيرهم، وهم من كل ناحية يشابهون الغيلان والعفاريت الذين ورد ذكرهم في أقاصيص الشمال والذين خرجوا أيضا من أصلاب أقزام وجدوا في الحقيقة فعثر في أوروبة على عظام لهم ترجع في القدم إلى العصر الحجري.
وليس أولئك الأقزام من الملاح، ولكن ليس فيهم ما يثير السخرية، ويبلغ طول أجسامهم الشعر
9
صفحة غير معروفة