النيل: حياة نهر

إميل لودفيغ ت. 1377 هجري
127

النيل: حياة نهر

تصانيف

ويقف على الأرض ويبسط عرفه الدقيق وينشر ذنبه ويعرض هيفه، ثم يطير لبضع ثوان وقفا للنظر في مكان آخر.

الفصل التاسع عشر

يظهر الإله الجديد من بين الأقواس المغربية ويدنو من النيل، والعابد في طريقه إلى الشرق وقبل عبوره النهر يركع على العشب الأخضر لابسا ثوبا أبيض وعمامة بيضاء، ثم يغسل رجليه في النيل، فيبدو وحيدا أمام هذا المنظر الصحراوي الأصفر والأزرق الذي يميز بوضوح في الهواء الشفاف الصافي، وتخيم زمر من الناس على ضفة النهر العالية. وبين الكثبان والتلال ترعى الوسمة

1

الخضراء قطاع من المعز الأبيض بقيادة بضعة رعاة لابسين جلابيب بيضا، وفي النهر تستقي مئات الإبل من الماء حتى الركب، وتنتظر نوبتها جمال أخرى بحراسة رعيان ركبان خافضة رءوسها غير متعجلة حائرة على النمط الشرقي، وتشرب بجانبها أفراس حرسها من ذلك الماء الأصفر. والماء هو هو على الدوام، وضيوفه هم الذين تغيروا، والخيل والإبل هما آية مجرى النيل الأوسط، وهنا يلوح كل شيء مطمئنا هادئ البال، وفي النهر ترتفع الجزر المستورة بغابات كثيفة كإلهات ساكنة فتزيد ما توحي به الحياة الواسعة المتريثة الشعرية.

ولا يزال الماء يجرف أكداسا من البردي، وتبدو أكداس البردي هذه كجزر عائمة وكآخر شهود على اعتراك المناقع وكأسارى حرب كبيرة يعودون إلى عالم تسوده سلم فلا يستطيعون أن يجدوا لأنفسهم نافذة يلائمونه بها، ولا تقدر تلك الأكداس على معرفة نهر مضطهد كانت عالمة به، أو على تبين نهر يسير الآن جليلا بين حقول الذرة القريبة من أهرام الحب المركوم، والتي يفصل الماء الصافي بين تلمها

2

الأخضر والسهب ذي الرمل الأصفر.

ويظهر كل شيء من شجر ودار وإنسان وحيوان منفصلا بعضه عن بعض في النور الباهر، ويظهر كل شيء بذلك رمزا أو فكرة أو صورة عن جميع الأشجار والمنازل وعن جميع العباد والإبل في عالم الضياء والرمل ذلك، وهنا يسير كل شيء على رسله،

3

صفحة غير معروفة