[شبهة وجوابها]
خيال: قالوا: لم يتعبدنا الله بلعن أحد من خلقه، فلو أن مسلما لقي الله وصحيفته خالية من لعن الشيطان، ما قيل له: لم لم تلعن الشيطان، بل قد كره ذلك، وجاء فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((المؤمن لا يكون لعانا))، وفي كلام علي عليه السلام: (أكره لكم أن تكونوا سبابين).
قلنا: لا خلاف في صحة ما قلتم، ولكن تعبدنا الله بالبراءة من أعدائه، وعلامة التبري لعن المتبرأ منه، وفيه إهانة لعدو الله، ودعاء عليه بالإنتقام، وقد كان الرسول يلعن أقواما، منهم معاوية ويزيد في الرواية المتقدمة، وعلي عليه السلام كان يقنت بلعن جماعة، منهم معاوية، وقد جاء في القرآن الكريم {ألا لعنة الله على الظالمين(18)}[هود] وابن الزبعرى سب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سبعين بيتا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((اللهم إني لا أحسن الشعر، ولكن العنه بكل بيت لعنة))، فلعنه الله سبعين لعنة، والنهي الوارد في ذلك أن يجعله الإنسان ديدنا وهجيرا، كما هو مذهب الإمامية، لا يحركون ألسنتهم بأكثر من اللعن والسب والأذية، وهذا هو موضع الكراهة ومتناولها.
فأما رأينا، فليس إلا إظهار التبري من موالاة أعداء الله، فإذا ظهر من الإنسان التبري، فهو المأخوذ عليه، والمتعبد به، فأما حين يتهم بموالاة أعداء الله، يزيد وأمثاله، فإنه يجب عليه إظهار لعنه، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في الرواية عن المنصور بالله عليه السلام، والتهويل بذكر الشيطان -نعوذ بالله من شره- لاطائل تحته ؛ لأن المعلوم كراهة المسلمين لعدوهم، وهو عدوهم بنص الذكر الحكيم، وتعريف القرآن العظيم، فلو قدرت أن في الناس من يوالي الشيطان، كانت المسألة واحدة، فافهم وتأمل.
صفحة ١٨٥