244

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

الناشر

دار الذخائر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ

مكان النشر

القاهرة

الجزار: ويعرف بعام الإذن، وقيل: إن عمر رضى الله عنه أوّل من أرّخ وجعله من المحرّم، وقيل: يعلى بن أمية إذ كان باليمن، وقيل بل أرّخ بوفاته ﷺ «١» .
ومن فوائد التأريخ معرفة الاجال وحلولها، وأوقات التواليف، ووفيات الشيوخ، ومواليدهم، والرواة عنهم، فيعرف بذلك كذب الكذّابين وصدق الصادقين، قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة: ٢٨٢] .
وأخرج البخارى في «الأدب»، والحاكم عن ميمون بن مهران قال: رفع إلى عمر صكّ محله شعبان، فقال: أيّ شعبان: الذى نحن فيه، أو الذى مضي، أو الذى هو ات؟ ثم قال أصحاب النبى ﷺ: ضعوا للناس شيئا يعرفونه من التاريخ، فقال بعضهم: اكتبوا على تاريخ الروم، فقال: إن الروم يطول تاريخهم يكتبون من ذى القرنين، فقال: اكتبوا على تاريخ فارس، فقال: إن فارس كلما قام ملك طبع من كان قبله.
فاجتمع رأيهم أن الهجرة كانت عشر سنين، فكتبوا التاريخ من هجرة النبى ﷺ.
* وكانت الأنصار لمّا بلغهم خروج النبى ﷺ يخرجون كل يوم لتلقّيه، فإذا اشتدّت الهاجرة (ويقال الهجير، وهو اشتداد الحر نصف النهار، وهو المراد بالعليّا، والهاجرة السفلى هى التى بعد الضحى وقبل الزوال) رجعوا. فلما كان يوم قدومه فعلوا ذلك، فراه رجل من يهود، فنادى بأعلى صوته: «يا بنى قيلة هذا جدّكم- أى حظكم ومطلوبكم- قد أقبل» فخرج إليه بنو قيلة، وهم الأنصار: الأوس والخزرج بسلاحهم، فتلقوه ونصروه على أعدائه واووه، وواسوه، واووا أصحابه وواسوهم، وهم الذين قال ﵎

(١) قال ابن الصلاح: وقفت على كتاب في الشروط للأستاذ الزيادى، ذكر فيه: أن رسول الله ﷺ أرّخ حين كتب الكتاب لنصارى نجران، وأمر عليا أن يكتب فيه: إنه كتب لخمس من الهجرة. وقال الجلال السيوطى في كتابه «الشماريخ في علم التأريخ» إن رسول الله ﷺ أمر بالتأريخ يوم قدم المدينة في شهر ربيع الأوّل. وقال ابن عساكر: «هذا أصوب» . ومن هذا نعرف أن رسول الله ﷺ هو المؤرخ الأوّل بالهجرة، وعمر تبعه.

1 / 189