نهاية الزين في إرشاد المبتدئين

محمد نووي الجاوي ت. 1316 هجري
129

نهاية الزين في إرشاد المبتدئين

الناشر

دار الفكر - بيروت

رقم الإصدار

الأولى

القائم بالمستلقي ولو موميا حيث علم بانتقالات الإمام ولو بطريق الكشف لأن المدار على علمه بذلك وهو موجود فيه وهذا بالنسبة له وإنما اغتفر ذلك في حقه لعلمه بحقيقة الحال ومحل كون الخوارق لا يعتد بها قبل وقوعها أما بعد وقوعها فيعتد بها في حق من قامت به كذا قال الشبراملسي

(وكره) الاقتداء (بفاسق ومبتدع) لا يكفر ببدعته وبالتأتاء والفأفاء والوأواء ومن تغلب على الإمامة ولا يستحقها ومن لا يحترز عن النجاسة أو يمحق هيئات الصلاة أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر أهل الفسق ونحوهم أو لاحن بما لا يغير المعنى أو يكرهه أكثر القوم لأمر مذموم فيه كإكثار الضحك والحكايات المضحكة تصنعا لا طبعا فإن كرهه كلهم حرمت إمامته وإمامة ولد الزنا وولد الملاعنة ومن لا يعرف له أب خلاف الأولى والأعمى والبصير في الإمامة سواء كعبد أفقه وحر غير أفقه

ثم إذا اجتمع جماعة ممن فيه أهلية الإمامة يقدم منهم الأفقه في الصلاة فالأصح قراءة فالأكثر قرآنا فالأزهد فالأورع فالمهاجر فالأقدم هجرة فالأسن في الإسلام فالأشرف نسبا فالأحسن ذكرا فالأنظف ثوبا فبدنا فصنعة أي كسبا فيقدم الزارع والتاجر على غيرهما فالأحسن صوتا فالأحسن خلقا بفتح الخاء بأن يكون سليم الأعضاء من الآفة مستقيما فالأحسن وجها أي الأجمل صورة فهو غير الأحسن خلقا كما سمعت فالأحسن زوجة فالأبيض ثوبا فيقدم على لابس غير الأبيض ويقدم الأبيض وجها على غيره فإن استويا وتشاحا أقرع بينهما

هذا كله إن لم يكن هناك إمام راتب ولا إمام أعظم ولا نائبه ولا رب منزل وإلا قدم الوالي في محل ولايته على غيره ولو على رب المنزل والإمام الراتب وإن اختص ذلك الغير بصفات مرجحة من فقه وغيره

ويقدم من الولاة الأعلى فالأعلى فيقدم السلطان على غيره والباشا على القاضي ونحو ذلك وبعده الإمام الراتب وهو من ولاه الناظر تولية صحيحة أو كان بشرط الواقف فإن لم يحضر استحب أن يبعث إليه ليحضر فإن خيف فوات الوقت استحب أن يتقدم غيره إلا أن يخاف فتنة فيصلوا فرادى ويقدم الساكن بحق ولو غير مالك على غيره ولو مالكا فيقدم المستأجر على المؤجر ويقدم الموصى له بالمنفعة على مالك العين

نعم لا يقدم المستعير على المعير ولا غير المكاتب على سيده الذي أذن له في السكنى بل يقدم سيده عليه وليس هذا الإذن إعارة لأن الإعارة تقتضي ملك الانتفاع والرقيق لا يملك ولو بتمليك سيده أما المكاتب إذا كان ساكنا بحقه فلا يقدم عليه سيده بل المكاتب هو المقدم لاستقلاله فإذا أذن لسيده في دخوله دارا اشتراها مثلا فهو المقدم لا سيده فإن كان سيده هو المعير له الدار فالسيد هو المقدم ويؤخذ مما تقدم بالأولى عدم تقديمه على قنه المبعض فيما ملكه ببعضه الحر فإن لم يكن الساكن أهلا للإمامة كامرأة قدم من هو أهل

ويندب في الجماعة أشياء منها أنه يسن للإمام التخفيف مع فعل الأبعاض والهيئات إلا أن يرضي المحصورون بتطويله ويسن له نية الجماعة في غير الجمعة وتصح منه نية الإمامة وإن لم

صفحة ١٣١