نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج

شمس الدين الرملي ت. 1004 هجري
42

نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

أخيرة

سنة النشر

١٤٠٤ هجري

مكان النشر

بيروت

(التَّنْبِيهُ عَلَى قُيُودٍ) جَمْعُ قَيْدٍ. وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ مَا جِيءَ بِهِ لِجَمْعٍ أَوْ مَنْعٍ أَوْ بَيَانٍ وَاقِعٍ (فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) بِأَنْ تُذْكَرَ فِيهَا (هِيَ مِنْ الْأَصْلِ مَحْذُوفَاتٌ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ مَتْرُوكَاتٌ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي الْمَبْسُوطَاتِ وَالتَّنْبِيهُ إعْلَامُ تَفْصِيلِ مَا تَقَدَّمَ إجْمَالًا فِيمَا قَبْلَهُ وَالْمَسَائِلُ جَمْعُ مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ إنْ كَانَ كَسْبِيًّا (وَمِنْهَا مَوَاضِعُ يَسِيرَةٌ) نَحْوُ خَمْسِينَ مَوْضِعًا (ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ فِي الْمَذْهَبِ) الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهَا مُصَحَّحًا (كَمَا سَتَرَاهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) فِي خِلَافِهَا لَهُ نَظَرٌ لَلْمَدَارِكِ (وَاضِحَاتٍ) بِأَنْ أُبَيِّنَ فِيهَا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُ مَا فِيهِ فَصَارَ حَاصِلُ كَلَامِهِ، وَمِنْهَا ذِكْرُ الْمُخْتَارِ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى خِلَافِهِ (وَمِنْهَا إبْدَالُ مَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِهِ غَرِيبًا) أَيْ غَيْرَ مَأْلُوفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ ده يازده؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي أَلْسِنَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَخْرَجَهَا عَنْ الْغَرَابَةِ (أَوْ مُوهِمًا) أَيْ مَوْقِعًا فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ (خِلَافَ الصَّوَابِ) أَيْ الْإِتْيَانَ بَدَلَ ذَلِكَ (بِأَوْضَحَ وَأَخْصَرَ مِنْهُ بِعِبَارَاتٍ جَلِيَّاتٍ) أَيْ ظَاهِرَاتٍ فِي أَدَاءِ الْمُرَادِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ النَّحْوِيُّونَ وَاللُّغَوِيُّونَ أَنَّ الْبَاءَ مَعَ الْإِبْدَالِ تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْرُوكِ لَا عَلَى الْمَأْتِيِّ بِهِ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ١٠٨] وَقَالَ ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ [البقرة: ٦١] وَقَالَ ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ [سبأ: ١٦] الْآيَةَ، وَقَالَ ﴿وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢] وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَمِنْهَا إبْدَالُ الْأَوْضَحِ وَالْأَخْصَرِ بِمَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِهِ غَرِيبًا أَوْ مُوهِمًا خِلَافَ الصَّوَابِ. وَرَدَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّمْسُ الْقَايَاتِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبْدَالِ مُطْلَقًا وَفِي التَّبْدِيلِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا، فَقَدْ نَقَلَ الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ثَعْلَبَ: أَبْدَلْت الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا نَحَّيْت هَذَا وَجَعَلْت هَذِهِ مَكَانَهُ، وَبَدَّلْت الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا أَذَبْته وَسَوَّيْته حَلْقَةً، أَمَّا إذَا ذُكِرَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ﴾ [سبأ: ١٦] وَكَمَا فِي قَوْلِك بَدَّلَهُ بِخَوْفِهِ أَمْنًا فَدُخُولُهَا حِينَئِذٍ عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ ــ [حاشية الشبراملسي] يُرِيدُ ضَمَّهَا وَمَوْصُوفَةً إنْ لَاحَظَ أَنَّهُ يَضُمُّ مَا يَجِدُهُ حَسَنًا حِينَ التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ: التَّنْبِيهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَنْ النُّبْهِ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَهِيَ الْفَطِنَةُ اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا تَوْقِيفُ النَّاظِرِ فِيهِ عَلَى تِلْكَ الْقُيُودِ، وَفِي الْمُخْتَارِ نَبِهَ الرَّجُلُ شَرُفَ وَاشْتَهَرَ وَبَابُهُ ظَرُفَ، ثُمَّ قَالَ: وَنَبَّهَهُ أَيْضًا عَلَى الشَّيْءِ وَقَفَهُ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهَ هُوَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيَانٍ وَاقِعٍ) وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْقُيُودِ كَمَا قَالَهُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ (قَوْلُهُ: مَحْذُوفَاتٌ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ هِيَ مِنْ الْأَصْلِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ فِي الْمَبْسُوطَاتِ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْبِيهُ إعْلَامٌ) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلتَّنْبِيهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، لَا بِالنَّظَرِ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ فَإِنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ كَسْبِيًّا) أَمَّا إذَا كَانَ بَدِيهِيًّا فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَوَاضِعُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا التَّنْبِيهُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ حَاصِلُ كَلَامِهِ) أَيْ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِتْيَانُ) تَفْسِيرٌ لِلْإِبْدَالِ وَأَخَّرَهُ لِيَرْتَبِطَ بِالْبَدَلِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِأَوْضَحَ وَأَخْصَرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ إيضَاحٌ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِعِبَارَاتٍ) الْبَاءُ فِي بِعِبَارَاتٍ إمَّا سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَاءَ مَعَ الْإِبْدَالِ تَدْخُلُ) أَيْ مَعَ مَا كَانَ مِنْ مَادَّتِهِ كَالتَّبْدِيلِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِدَلِيلِ أَمْثِلَتِهِ وَالتَّبَدُّلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ذُكِرَ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ) ــ [حاشية الرشيدي] قَوْلُهُ: بِأَنْ تُذْكَرَ فِيهَا) فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ تَنْبِيهِهِ عَلَى الْقُيُودِ الْمَحْذُوفَةِ أَنْ يَقُولَ هُنَا قَيْدٌ مَحْذُوفٌ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْبِيهُ إعْلَامُ تَفْصِيلٍ إلَخْ) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلتَّنْبِيهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ذِكْرُ قُيُودٍ لَيْسَتْ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا عُلِمَتْ مِنْهُ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ إلَخْ) سَيَأْتِي لَهُ فِي أَوَاخِرِ الْخُطْبَةِ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِ هَذَا (قَوْلُهُ: فَصَارَ حَاصِلُ كَلَامِهِ وَمِنْهَا ذَكَرَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يَجُوزُ كَوْنُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَفْهُومٍ مِنْ السِّيَاقِ: أَيْ تَحْقِيقُ مَوَاضِعَ فَيَظْهَرُ صِحَّةُ الْحَمْلِ انْتَهَى. وَأَقُولُ: مَا الْمَانِعُ مِنْ قِرَاءَةِ مَوَاضِعَ بِالْجَرِّ بِالْفَتْحَةِ عَطْفًا عَلَى قُيُودٍ، فَيَكُونُ مِنْ مَدْخُولِ التَّنْبِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ إلَى تَأْوِيلٍ وَلَا تَقْدِيرٍ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ مِنْهَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ فَتَحِلُّ عِبَارَتُهُ إلَى قَوْلِنَا التَّنْبِيهُ عَلَى قُيُودٍ إلَخْ فَلَا يُعْتَرَضُ (قَوْلُهُ: وَبَدَّلْنَاهُمْ الْآيَةَ)

1 / 44