215

النهاية في الفتن والملاحم

محقق

محمد أحمد عبد العزيز

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

نَظَرٌ لِأَنَّ إِيمَانَ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ لَا ينفع جميعهم ولا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، فَمَنْ أَحْدَثَ إِيمَانًا أَوْ تَوْبَةً يَوْمَئِذٍ لم تقبل حتى يَكُونَ مُؤْمِنًا أَوْ تَائِبًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ نُزُولِ عِيسَى فِي آخِرِ الزَّمَانِ: ﴿وإِنْ مِنْ أهْل الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤمِنَنَّ بِه قَبْلَ مَوْتهِ﴾ .
أَيْ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى وَبَعْدَ نُزُولِهِ يُؤْمِنُ جَمِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِهِ إِيمَانًا ضَرُورِيًّا بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَحَقَّقُونَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَالنَّصْرَانِيُّ يَعْلَمُ كَذِبَ نَفْسِهِ فِي دَعْوَاهُ فِيهِ الرُّبُوبِيَّةَ والنبوة، وَالْيَهُودِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ لا ولد ريبة كما كان المجرمون منهم يزعمون ذلك، فعليهم لعائن الله وغضبه المدرك.
ذِكْرُ الدُّخَانِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مدخل
...
ذِكْرُ الدُّخَانِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
قَالَ تَعَالَى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأتي السَّماءُ بِدُخَانٍ مُبِين يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤمِنُونَ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مبِين ثَمّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعًلّمٌ مَجْنُونٌ إِنَّا كَاشِفُواْ الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُون﴾ [الدخان:١٠-١٦] .
وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي سورة الدخان بما فيه مقنع.
وَقَدْ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ١، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ فسر ذلك بما كان لقريش من

١ الحديث رواه البخاري "٦- ١٣١-١٣٢".

1 / 223