النهاية في الفتن والملاحم

ابن كثير ت. 774 هجري
21

النهاية في الفتن والملاحم

محقق

محمد أحمد عبد العزيز

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

"يَا أَيها النَّاس إِنَّ الدُّنْيَا خضرَةٌ حُلْوَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَكمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا واتَّقوا النِّسَاءَ إِلى أَنْ قَالَ وَقَدْ دَنَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ وَإِنَّ مَا بَقِيَ مِن الدُّنْيَا فِيما مَضى مِثل مَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْه". علي بن زيد بن حدجان التَّيْمِيُّ لَهُ غَرَائِبُ وَمُنْكَرَاتٌ، وَلَكِنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ شَوَاهِدُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ من طريق أبي نصرة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بَعْضُهُ وَفِيهِ الدِّلَالَةُ عَلَى مَا هُوَ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا مَضَى مِنْهَا شَيْءٌ يَسِيرٌ جِدًّا وَمَعَ هَذَا لَا يَعْلَمُ مقداره على التبيين والتحديد إلا الله ﷿.
لا أساس للإسرائيليات التي تحمد ما مضى وما بقي من الدنيا كما لا يعلم مقدار ما مضى إِلَّا اللَّهُ ﷿ وَالَّذِي فِي كُتُبِ الإِسرائيليين وَأَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ تَحْدِيدِ مَا سَلَفَ بألوف ومئات مِنَ السِّنِينَ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ العلماء على تخبطهم فيه وتغليطهم، وهم جديرون بذلك حقيقيون بِهِ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ: "الدُنْيَا جُمْعَة مِنْ جُمَع الآخِرَة". ولا يصح إسناده أيضًا، وكذا كل حديث ورد فيه تحديد وقت يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى التَّعْيِينِ لَا يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَسْألُونَكَ عَن السَّاعَةِ أيَّانَ مُرْسَاهَا، فِيمَ أَنْتَ مِن ذِكْرَاهَا، إِلَى ربِّكَ مُنْتَهَاهَا، إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا، كَأنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاها﴾ . وقال: ﴿يَسألُونَكَ عَن السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قل إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَت في

1 / 29