187

النهاية في الفتن والملاحم

محقق

محمد أحمد عبد العزيز

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

وقال تعالى في قصة ذي القرنين: ﴿ثُمَّ أتْبَعَ سَبَبًا، حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدّيْن وَجَدَ مِن دونهِما قَوْمًا لاَ يَكَادونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا، قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْن إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مُفْسِدون فِي الأرْض فَهَلْ نَجعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا، قالَ مَا مًكّنِّي فيهِ رَ بِّي خَيْرٌ فَأعِينُوني بِقوَّة أجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا، آتُوني زُبَرَ الحَدِيدِ حَتَّى إذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْن قَالَ انْفُخُوا حَتّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُوني أفْرِغْ عَليهِ قِطْرًا، فَما اسْطَاعُوا أنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا، قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وكَانَ وَعْدُ رَبَي حَقًّا، وتَرَكْنَا بَعْضُهُمْ يَوْمَئِذ يَمُوجُ فِي بَعْض وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ [الكهف: ٩٢-٩٩] .
وَقَدْ ذكرنا في التفسير في قصة ذي القرنين وخبر بِنَائِهِ لِلسَّدِّ مِنْ حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَصَارَ رَدْمًا وَاحِدًا، وَقَالَ: هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ ربي أن يَحْجِزُ بِهِ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي أَيِ الْوَقْتُ الَّذِي قَدَّرَ انْهِدَامَهُ فِيهِ جَعَلَهُ دكًا أَيْ مُسَاوِيًا لِلْأَرْضِ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا أي وهذا شيء لا بد من كونه، وتركنا بعضهم يموج في بعض، يعني بذلك يوم انهدامه، يخرجون على الناس فيمرحون فِيهِمْ وَيَنْسِلُونَ، أَيْ يُسْرِعُونَ الْمَشْيَ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ ثمٍ يَكُونُ النَّفْخُ فِي الصُّورِ لِلْفَزَعِ قريبًا من ذلك الوقت كما قال في الآية الأخرى:
﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأجُوج ومَأجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَب يَنْسِلونَ، وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَق فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ﴾ [الأنبياء: الآية ٩٦] الْآيَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي خروج الدجال ونزول المسيح طرفًا صالحًا في ذِكْرِهِمْ مِنْ رِوَايَةِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ وَغَيْرِهِ:

1 / 195