159

النهاية في الفتن والملاحم

محقق

محمد أحمد عبد العزيز

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

أوكسبتْ فِي إِيمانِها خَيْرًا الدجالُ والدابةُ وطلوعُ الشَّمْسِ مِنَ المغربِ أَوْ مِنْ مَغْرِبِهَا".
ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
الثَّانِي: أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ ذُكِرَ في القرآن نزوله ني قوله تَعَالَى:
﴿وقَوْلهمْ إنَّا قَتَلْنَا ألْمَسِيحَ عِيسى أبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ومَا قَتَلُوهُ وَمَاَ صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شبِّهَ لَهُمْ وإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا وإِنْ مِنْ أهْل الكِتَابِ إِلاَّ ليُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهيدًا﴾ . النِّسَاءِ: ١٥٧- ١٥٩.
وَقَدْ قَرَّرْنَا فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الضَّمِيرَ في قوله: ﴿قَبْلَ مَوْتهِ﴾ عَائِدٌ عَلَى عِيسَى أَيْ سَيَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ وَيُؤْمِنُ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ اختلافًا متباينًا، فمن مدعي الإِتهية كالنصارى ومن قائل فيه قولًا عظيمًا وهوأنه ولد ريبة وهم اليهود، فإِذا نَزَلَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَحَقَّقَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ كَذِبَ نَفْسِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ فِيهِ مِنَ الِافْتِرَاءِ وَسَنُقَرِّرُ هَذَا قَرِيبًا.
وَعَلَى هَذَا؟ فَيَكُونُ ذِكْرُ نُزُولِ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إشارة إلى ذكر المسيح الدجال شيخ الضلال وَهُوَ ضِدُّ مَسِيحِ الْهُدَى، وَمِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَكْتَفِي بِذِكْرِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَنْ ذِكْرِ الْآخَرِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بِصَرِيحِ اسْمِهِ فِي الْقُرْآنِ احتقارًا له حيث يدعي الإِلهية وهو ليسر ينافي حالة جلال الرب وعظمته وكبريائه وَتَنْزِيهَهُ عَنِ النَّقْصِ، فَكَانَ أَمْرُهُ عِنْدَ الرَّبِّ أحقر من أن يذكر وأصغر وأدخر من أن يحكي عَنْ أَمْرِ دَعْوَاهُ

1 / 167