النهاية في الفتن والملاحم

ابن كثير ت. 774 هجري
114

النهاية في الفتن والملاحم

محقق

محمد أحمد عبد العزيز

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذرا وأَسْبَغهُ ضُرُوعًا وأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأتِي القَوْمَ فيدعوهم فيرُدُّونَ قَوْلَهُ فَيَنْصرِفُ عَنْهُم فيُصْبِحُون مُمْحِلينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ مِن أَمْوَالِهِمْ شَيءٌ، ويَمُرُّ بالخَرِبَةِ فيقول: أَخرِجي كنوزَكِ فَتَتبَعُه كنوزُها كَيَعَاسِيبِ ١ النَّحْل، ثُمَّ يَدْعُو رجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْربُهُ بالسَّيْفِ فَيَقطعهُ جَزلَتَيْن ٢ رَمْيَةَ الغَرَض؟ ثُمَّ يدعوَه فيقْبِلُ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ وهو يَضْحَكُ؟ فَبَيْنَما هُو كَذَلِكَ إِذ بَعَث اللَّهُ المسيحَ ابْنَ مريمُ فينزلُ عِنْدَ المنارةِ الْبَيْضَاءِ شرقي دِمَشْقَ في مهروذتين ٣ وَاضِعًا كفّيْه عَلَى أَجْنِحَة مَلَكَيْن إِذَا طأطأَ رأسَه قَطَرَ وإِذا رَفَعه تَحَدَّرَ مِنْه جُمَانٌ كاللُّؤْلُؤُ، وَلَا يَحِلُّ ٤ لِكَافِرٍ يَجِد رِيحَ نفسِه إلاَّ ماتَ، ونَفَسُهُ يَنْتهي حيْثُ يَنْتَهِي طرْفه، فيطلُبه حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ ٥ فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتي عيسى ابن مريم قومًا قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ فيمسحَ عَنْ وجوهِهِم ويحدثُهم عن دَرَجاتِهم فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ أَوْحى الله تعالى إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدان٦. لأحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرز٧ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يأجوجَ ومأجوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَب يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أوائلهُم عَلَى بُحيرة الطَّبَرِيَّةِ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لقد كان بهذه مرةً ماءُ، ويحضر نبي الله عيسى وأصحابُهُ

١اليعسوب أمير جماعة النحل إذا طار تبعته والمراد هنا جماعات النحل. ٢ قطعتين يكون بينهما مقدار رمية. ٣ المهروزتان: بالذال والدال شقتا الملاءة أو هما ثوبان مصبوغان بورس وزعفران. ٤ لا يحل: لا يمكن. ٥ المراد باب مدينة اللد قرب القدس. ٦ لا يدان: لا قدرة. ٧ حرز عبادي إلى الطور: ضمهم إليه ليكون حرزا لهم.

1 / 122