نبذة في العقيدة الإسلامية
الناشر
دار الثقة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
مكان النشر
مكة المكرمة
تصانيف
وتلحقهم خصائص البشرية: من المرض، والموت، والحاجة إلى الطعام، والشراب، وغير ذلك، قال الله تعالى عن إبراهيم ﵊ في وصفه لربه تعالى: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) [سورة الشعراء: ٧٩، ٨١] .
وقال النبي ﷺ: (إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت؛ فذكِّروني) (١) .
وقد وصفهم الله تعالى بالعبودية له في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثَّناء عليهم؛ فقال تعالى في نوح ﷺ: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) [سورة الإسراء: ٣] وقال في محمد ﷺ: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [سورة الفرقان: ١] .
وقال في إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب - صلَّى الله عليهم وسلَّم -: (وَاذكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ) [سورة ص: ٤٥، ٤٧] .
وقال في عيسى ابن مريم ﷺ: (إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ) [سورة الزخرف: ٥٩] .
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم؛ فقد كفر بالجميع، كما قال الله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) [سورة الشعراء: ١٠٥]، فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل، مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذَّبوه، وعلى هذا فالنصارى الذين كذَّبوا محمدًا ﷺ ولم يتبعوه؛ هم مكذِّبون للمسيح ابن مريم، غير متبعين له أيضًا، لا سيَّما أنه قد بشرهم بمحمد ﷺ ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم، ينقذُهم الله به من الضَّلالة، ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني مما يتضمنه الإيمان بالرسل: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح - عليهم الصلاة والسلام - وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل، وقد ذكرهم الله -تعالى - في موضعين من القرآن في قوله: (وَإِذ أَخَذْنَا مِنَ النَّبيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) [سورة الأحزاب: ٧]، وقوله:
(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا
_________
(١) رواه البخاري، كتاب أبواب القبلة، باب التوجه إلى القبلة حيث كان، رقم (٣٩٢) .
1 / 49