استيسر من الهدي: شاة فما فوقها، وإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها، وإن كانت بعد حج الفريضة فلا قضاء عليه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ يقول: الرجل إذا أهل بالحج فأحصر بعث بما استيسر من الهدي، فإن كان عجّل قبل أن يبلغ الهدي محله فحلق رأسه أو مس طيبا أو تداوى بدواء كان عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك: فالصيام ثلاثة أيام، والصدقة ثلاثة آصع على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، والنسك شاة.
فَإِذا أَمِنْتُمْ يقول: فإذا برىء فمضى من وجهه ذلك إلى البيت أحل من حجته بعمرة وكان عليه الحج من قابل، فإن هو رجع ولم يتم من وجهه ذلك إلى البيت كان عليه حجة وعمرة، فإن هو رجع متمتعا في أشهر الحج كان عليه ما استيسر من الهدي:
شاة، فإن هو لم يجد فصيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم.
قال إبراهيم فذكرت هذا الحديث لسعيد بن جبير فقال: هكذا قال ابن عباس في هذا الحديث: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وهو ما يهدى إلى البيت من بدنة أو غيرها، وذهب الجمهور إلى أنه شاة، وقال ابن عمر وعائشة وابن الزبير: جمل أو بقرة، وقال الحسن:
أعلى الهدي بدنة وأوسطه بقرة وأدناه شاة.
وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ هو خطاب لجميع الأمة من غير فرق بين محصر وغير محصر. وإليه ذهب جمع من أهل العلم. وذهبت طائفة إلى أنه خطاب للمحصرين خاصة: أي لا تحلوا من الإحرام حتى تعلموا أن الهدي الذي بعثتموه إلى الحرم قد بلغ محله وهو الموضع الذي يحل فيه ذبحه.
واختلفوا في تعيينه فقال مالك والشافعي: هو في موضع الحصر اقتداء برسول الله ﵌ حيث أحصر في عام الحديبية، وقال أبو حنيفة: هو الحرم، لقوله تعالى مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣) [الحج: ٣٣] وأجيب عن ذلك بأن المخاطب هو الآمن الذي يمكنه الوصول إلى البيت، وأجاب الحنفية عن نحره ﵌ في الحديبية بأن طرف الحديبية الذي إلى أسفل مكة هو من الحرم، ورد بأن المكان الذي وقع فيه النحر ليس هو من الحرم فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ المراد بالمرض هنا ما يصدق عليه مسمى المرض لغة، وبالأذى من الرأس ما فيه من قمل أو جرح فعليه
1 / 52