كذلك عن جميع أهل اللغة، وقال الفراء: هما بمعنى واحد في المرض والعدو ووافقه على ذلك أبو عمر الشيباني «١» فقال: حصرني الشيء وأحصرني أي حبسني.
وبسبب هذا الاختلاف بين أهل اللغة اختلف أئمة الفقه في معنى الآية فقالت الحنفية المحصر: من يصير ممنوعا من مكة بعد الإحرام بمرض أو عدو أو غيره.
وقالت الشافعية وأهل المدينة: المراد بالآية حصر العدو.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المحصر بعدوّ يحل حيث أحصر وينحر هديه- إذا كان ثم هدي- ويحلق رأسه كما فعل النبي ﵌ هو وأصحابه في الحديبية.
وأخرج الشافعي في «الأم» وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لا حصر إلا حصر «٢» العدو فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فليس عليه شيء إنما قال الله: فَإِذا أَمِنْتُمْ فلا يكون الأمن إلا من الخوف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: لا إحصار إلا من العدو «٣»، وأخرج أيضا عن الزهري نحوه.
وأخرج أيضا عن عطاء قال: لا إحصار إلا من مرض أو عدو أو أمر حابس «٤» .
وأخرج أيضا عن عروة قال: كل شيء حبس المحرم فهو إحصار «٥» .
وأخرج البخاري عن المسور أن رسول الله ﵌ نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك «٦» .
وأخرج ابن جرير «٧» وابن المنذر عن ابن عباس في قوله فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ يقول: من أحرم بحجة أو عمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه، فعليه ذبح ما
_________
(١) جاء في المطبوع [أبو عمرو الشيباني] وهذا خطأ والصحيح ما أثبتناه من فتح القدير [١/ ١٩٥] .
(٢) أخرجه الشافعي في الأم [٢/ ١٧٨] وابن جرير في التفسير [٢/ ٢٢١] ح [٣٢٤١] .
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [٣/ ٢١٣] ح [١٣٥٥٥] .
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [٣/ ٢١٣] ح [١٣٥٥٤] .
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [٣/ ٢١٣] ح [١٣٥٥٦] . [.....]
(٦) أخرجه البخاري في الصحيح [٤/ ١٠] ح [١٨١١] .
(٧) انظر تفسير ابن جرير [٢/ ٢٢٤] .
1 / 51