فقد نجد المستيقظ الذى نفسه مستعملة بعض حواسها تتمثل له صور الأشياء التى يفكر فيها؛ وعلى قدر استغراق الفكر له وتركه استعمال الحواس تكون تلك الصور أظهر له، حتى كأنه يشاهدها بحسه، وذلك إذا انتابه [من] الشغل بفكره عن الحس ما يعدمه استعمال البصر والسمع؛ فإنا كثيرا ما نرى المفكر ينادى فلا يجيب؛ ويكون أمام بصره الشىء، فيخبر عند خروجه من الفكر، إذا سئل: هل رآه أو لا؛ فيخبر أنه لم يره؛ وكذلك يعرض له فى باقى الحواس عن أكثرها،
وهذا فى عامة الناس موجود. فأما الخواص فى البراعة فى الذهن والعقل وقوة التمييز، فإن قوة أنفسهم البارعة توجدهم صور الأشياء مجردة، ولم يتشاغلوا عن أكثر المحس.
صفحة ٢٩٦