بيرهون الفيلسوف وركاب السفينة
بينما كان بيرهون في سفينة صغيرة؛ إذ هبت ريح عاصفة على غفلة، فغدت السفينة في خطر أزعج من كان معه، أما هو فلم يكترث، بل ظل يأكل ساكنا دون خوف ولا حذر، ثم أشار إلى غنمة كانت بجانبه تأكل، وقال: يجب على العاقل أن يدرك بقوة القلب والجنان رتبة هذا الحيوان الصغير.
بيون الفيلسوف والملك
بلغ بيون الفيلسوف يوما أن أحد الأعداء وشى به وعرض برداءة أصله لدى الملك أنتيفونوس، فلم يكترث ولا تأثر من ذلك، مظهرا أنه غير عالم به، فأرسل الملك إلى بيون زاعما أنه يفحمه بتلك الحجج ويحيره، فقال له: ما اسمك؟ واسم بلدك؟ وأصلك؟ وحرفة أهلك؟ فلم يتحير من ذلك، وقال: كان أبي رجلا عتيقا، وكان يبيع دهن الخنزير والسمن، ولا أعلم إذا كان جميلا؛ لأن وجهه الآن مشوه بآثار ضرب سيده، وكان تتاري الأصل، مقيما في بلدة على شاطئ نهر يورثينوس، ولا أدري ما ارتكبه أبي من الذنب حتى بيع مع زوجته وأولاده؟! وكنت أنا إذ ذاك فتى جميلا، فابتاعني أحد الخطباء، وأوصى لي بجميع أمواله، فلما مات مزقت الوصية وحرقتها في النار، وذهبت إلى أثينا، وتعلمت الفلسفة، وهذا كل ما يقال عني وعن أهلي أيها الملك. فعجب من تواضعه وذكاء فؤاده.
زينون الفيلسوف
كان زينون آتيا من «قيتيا» ومعه شيء من أرجوان الصينيين، فكسرت به السفينة، وتلف ما كان معه بمينا «بيري» فاغتم لتلك الخسارة، وجاء مدينة أثينا، فدخل على بائع كتب، فقرأ المقالة الأولى من كتاب زنفون الفيلسوف؛ ليسلي همه بها، فسر بقراءتها كثيرا، وسأل الكتبي عن أماكن الذين يتكلم عنهم زنفون، وإذا بأقراطيس الكلبي مارا بالصدفة، فأشار إليه الكتبي، وقال لزينون: اتبع هذا الرجل، وكان زينون في الثلاثين من العمر شديد الحياء والخجل، فلما رآه أقراطيس على ذي الحال أراد أن يقوي عزمه؛ فأعطاه ذات يوم قدرا ممتلئة عدسا، وأمره أن يدور بها في طرق المدينة، فاحمر وجه زينون خجلا من ذلك، واختفى خشية أن يرى من أحد أصحابه، فقال له أقراطيس: لم هربت يا مكار مع أنه لا يضرك ذلك بل يمهد لك سبيل الدعة والتواضع؟!
الفيلسوف والولد
دخل ولد صغير على فيلسوف وطلب إليه أن يعطيه جمرة نار، ولم يكن معه وعاء يأخذ فيه النار، فتعجب من أمره، وقال له: كيف تأخذ النار وأنت لم تأت بوعاء لها؟! قال: إن شئت أعطني وها قد جئت بالوعاء اللازم. قال هذا وغرف رمادا ملء كفه، وقال: ضع النار هنا، أرأيت ما أحسن هذا الوعاء. فتعجب الفيلسوف من فطنته، وقال: حقيقة إن الإنسان مهما تعلم يبق قاصرا.
زينون الحكيم والرجل
رأى زينون الحكيم رجلا على شاطئ البحر مفكرا حزينا على الدنيا، فقال له: يا فتى، ما تلهفك على الدنيا؟! لو كنت في غاية الغنى وأنت راكب لجة البحر، وقد انكسرت بك السفينة، وأشرفت على الغرق أما كانت غاية مطلوبك النجاة، وأن يذهب كل ما بيديك؟ قال: نعم. قال: ولو كنت ملكا وأحاط بك من يريد قتلك، أما كان مرادك النجاة من يده ولو ذهب جميع ما تملك؟ قال: نعم. قال: فأنت ذلك الغني الآن، وأنت ذلك الملك. فتسلى الرجل بكلامه.
صفحة غير معروفة