عبد الملك والغلام
هرب عبد الملك من الطاعون، فركب ليلا، وأخرج غلاما معه، وكان ينام على دابته، فقال للغلام: حدثني. فقال: ومن أنا حتى أحدثك؟! فقال: على كل حال حدث حديثا سمعته. فقال: بلغني أن ثعلبا يخدم أسدا ليحميه ويمنعه ممن يريده، فكان يحميه، فرأى الثعلب عقابا فلجأ إلى الأسد؛ فأقعده على ظهره، فانقض العقاب واختلسه، وصاح الثعلب: يا أبا الحارث، أغثني واذكر عهدك لي. فقال: إنما أقدر على منعك من أهل الأرض، وأما أهل السماء فلا سبيل لي إليهم. فقال عبد الملك: وعظتني وأحسنت، انصرف، فانصرف ورضي بالقضاء.
عمر وسليمان بن عبد الملك
حج سليمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز، فلما أشرفا على عقبة عفان نظر سليمان إلى السرادقات قد ضربت له، فقال له: يا عمر كيف ترى؟ قال: أرى دنيا عريضة يأكل بعضها بعضا، وأنت المسئول عنها، المأخوذ بها. فبينما هما كذلك؛ إذ طار غراب من سرادقات سليمان في منقاره كسرة فصاح، فقال سليمان: ما يقول هذا الغراب؟ قال عمر: ما أدري ما يقول، ولكن إن شئت أخبرتك بعلم. قال: أخبرني. قال: هذا الغراب طار من سرادقاتك في منقاره كسرة أنت بها مأخوذ وعنها مسئول: من أين دخلت؟ ومن أين خرجت؟ قال: إنك لتخبرنا بالعجائب. قال: أفلا أخبرك بأعجب من هذا؟ قال: بلى. قال: من عرف الله كيف عصاه؟! ومن عرف الشيطان كيف أطاعه؟! ومن أيقن بالموت كيف يهنيه العيش؟! قال: لقد نغصت علينا ما نحن فيه! ثم ضرب فرسه وسار.
الأعرابي وعبد الملك بن مروان
امتحن عبد الملك بن مروان أعرابيا من الشعراء، فقال: صف لي الخمر. فأطرق الأعرابي وقال:
شموس إذا شيمت لدى الماء مرة
لها في عظام الشاربين دبيب
تريك القذا من دنها وهي دونه
لوجه أخيها في الوجوه قطوب
صفحة غير معروفة