إلا رأيتك بين الجفن والحدق
قال: يا ذا النون، ما حداك إلى طلب المجانين؟ قلت: أومجنون أنت؟ قال: نعم، وماذا تريد؟ قال: مسألة، قال: سل، قلت: أخبرني ما الذي حبب إليك الانفراد وقطعك عن المؤانسين وهيمك في الأدوية والجبال؟ فقال: حبي له هيمني وشوقي إليه هيجني، قال: يا ذا النون، هل أعجبك كلام المجانين؟ قلت: أي والله أشجاني، ثم غاب عني فلم أدر إلى أين ذهب.
الزاهدة
قال ذو النون المصري: رأيت امرأة تسبح على طريق النيل وعليها مدرعة من شعر ومقنعة من صوف، فقلت لها: يرحمك الله، ليس السباحة للنساء، فقالت: إليك يا مغرور، ألست تقرأ كتاب الله؟ قلت: بلى، قالت: اقرأ.
قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها .
1
فقلت: إنها ملمة بالعلم، فقلت لها: وبأي شيء عرفت الله؟ قالت: عرفت الله بالله، وعرفت ما دون الله بنور الله، فقلت لها: وما اسم الله؟ قالت: إن اسم الله هو الأعظم.
المسافر الحزين
قال عبد الواحد بن زيد: رأيت راهبا وعليه مدرعة شعر سوداء، فقلت: ما الذي حملك لبس السواد؟ قال: هو لباس المحزونين وأنا من أكبرهم، فقلت له: ومن أي شيء محزون؟ قال: إني أصبت في نفسي، وذلك أني مت لها في معركة الذنوب، فأنا حزين عليها، ثم أسبل دمعة، قلت: وما الذي أبكاك الآن؟ قال: ذكرت ما مضى من أجلي ولم يحسن فيه عملي، فبكائي لقلة الزاد وبعد المفازة وعقبة لا بد لي من صعودها، ثم لا أدري أين تهبط بي على الجنة أم إلى النار؟ ثم أنشد:
يا راكبا يطوي مسافة عمره
صفحة غير معروفة