فانطلق
20
الرجل إلى المنصور وأخبره، فأمر المنصور بإحضار معن في الساعة، فلما وصل أمر المنصور إلى معن، دعا جميع أهل بيته وأولاده وأقاربه وحاشيته وجميع من يلوذ به، وقال لهم: أقسم عليكم بألا يصل إلى هذا الرجل مكروه أبدا وفيكم عين تطرف.
2
فأطرق المنصور ساعة، ثم رفع رأسه، وقال له: قد أجرناه لك يا معن.
ثم إنه سار إلى المنصور فدخل وسلم عليه، فلم يرد عليه المنصور السلام، وقال له: يا معن، أتتجرأ علي؟ قال: نعم، يا أمير المؤمنين. فقال المنصور: ونعم أيضا؟! وقد اشتد غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين، كم من مرة تقدم في دولتكم بلائي وحسن جهادي! وكم من مرة خاطرت بدمي! أفما رأيتموني أهلا بأن يوهب لي رجل واحد استجار بي بين الناس، بوهمه أني عبد من عبيد أمير المؤمنين، وكذلك هو؟ فمر بما شئت، ها أنا بين يديك.
فأطرق
21
المنصور ساعة، ثم رفع رأسه وقد سكن ما به من الغضب، وقال له: قد أجرناه لك يا معن. فقال له معن: إن رأى أمير المؤمنين أن يجمع بين الأجرين، فيأمر له بمكافأة فيكون قد أحياه وأغناه. فقال المنصور: قد أمرنا له بخمسين ألف درهم.
فقال له معن: يا أمير المؤمنين، إن صلات الخلفاء على قدر جنايات الرعية، وإن ذنب الرجل عظيم، فأجزل له العطاء. قال: قد أمرنا له بمائة ألف درهم. فقال له معن: عجلها يا أمير المؤمنين؛ فإن خير البر عاجله. فأمر بتعجيلها فحملها وانصرف، وأتى منزله، وقال للرجل: يا رجل، خذ مكافأتك، والحق بأهلك، وإياك ومخالفة الخلفاء في أمورهم بعد هذه. (13) هشام ودرواس
صفحة غير معروفة