صادف قيس بن الملوح يوما ليلى بنت مهدي وقد صبا إليها قلبه فأخذ يحدثها وتحدثه حتى أمسى فانصرف، فبات في ليلة طالت عليه وجهد أن يغمض فلم يقدر، فأنشأ يقول:
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا
لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى
ويجمعني والهم بالليل جامع
وداوم زيارتها وترك إتيان كل من كان يأتيه غيرها إلى أن تملك الحب قلبيهما، فأرادت يوما أن تجربه فأخذت تصد عنه وتعرض بوجهها عن نظره، فلما رأى ذلك منها اشتد عليه وجزع حتى عرف ذلك فيه، فخافت عليه وقالت:
كلانا مظهر للناس بغضا
وكل عند صاحبه مكين
فسرى عنه الحزن وعلم ما في قلبها، أما هي فقالت له: إنما أردت امتحانك والذي لك عندي أكثر مما لي عندك، وإني أعاهدك من الآن على حفظ العهد والقيام بالوفاء، ولست مائلة بعد يومي هذا إلى أحد سواك حتى أذوق الموت، فانصرف في المساء وهو أسر الناس بما سمع منها، فأنشأ يقول:
أظن هواها تاركي بمضلة
صفحة غير معروفة