الم أجد أحذا ترجم لهذا الإمام إلا وقد شهد له بالبراعة والتبحر، ولقدا أثنى عليه شيوخه وأقرانه وتلاميذه والعلماء من بعده ممن قرأ كتبه: فيقول أبو الحسنات محمد محمد عبد الحى اللكنوى فى حواشيه على الموطأ - بعد أن ذكر السيوطى - : وتصانيفه كلها مشتملة على : فوائد الطيفة، وفرائد شريفة، تشهد كلها بتبحره، وسعة نظره، ودقة فكره، وأنه حقيق بأن يعد من مجددى الملة المحمدية، فى بدء المائة العاشرة وأخ التاسعة، كما ادعاه بنفسه، وشهد بكونه حقيقا به، فمن جاء بعده : كعلي القارى المكى فى المرآة .
انقطاعه عن التدريس والقضاء والافتاء: انقطع الشيخ - رحمه الله - عن التدريس والإفتاء لما بلغ أربعين سنة امن عمره، وأخذ في التجرد للعبادة، والانقطاع لله - تعالى - والاشتغال ابه والإعراض عن الدنيا وأهلها، كأنه لم يعرف أحدا منهم، وشرع في تحرير مؤلفاته التى سبقت الإشارة إليها، وألف رسالة يعتذر فيها عن تر التدريس، وسماها: "التنفيس فى الاعتذار عن ترك الإفتاء والتدريس" .
وأقام - رحمه الله - في روضة المقياس، فلم يتحول منها إلى أن مات.
ووكانت الأمراء والأغنياء - إذ ذاك - يأتون إلى زيارته، ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها، وفى ذات يوم من الأيام أرسل له السلطان الغورى خصيا وألف دينار، فرد الألف، وأخذ الخصى وأعتقه، وجعله اخادما في الحجرة النبوية، وقال لقاصده: لا تعذ تأتينا قط بهدية؛ فإن اله تعالى أغنانا عن مثل ذلك، وقيل له: إن بعض الأولياء كان يتردد اعلى الملوك والأمراء فى حوائج الناس؛ فقال : اتباع السلف الصالح فى عدم ترددهم - أسلم لدين المسلم. وقد طلبه السلطان مرارا، فلم يحض
صفحة غير معروفة