166

نثر الدر

محقق

خالد عبد الغني محفوط

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

مكان النشر

بيروت /لبنان

مَتى استذمت إِلَيْك. أبمصارع آبَائِك فِي البلى أم بمضاجع أمهاتك فِي الثرى، كم مَرضت بيديك، وعللت بكفيك، تطلب لَهُ الشِّفَاء، وتستوصف لَهُ الْأَطِبَّاء، غَدَاة لَا يغنى عَنهُ دواؤك، وَلَا يَنْفَعهُ بكاؤك. وَدعَاهُ رجلٌ إِلَى طَعَام فَقَالَ ﵇: نَأْتِيك على أَلا تتكلف لنا مَا لَيْسَ عنْدك، وَلَا تدخر مِمَّا عنْدك. وَقَامَ إِلَيْهِ الْحَارِث بن حوط اللَّيْثِيّ وَهُوَ على الْمِنْبَر فَقَالَ: أتظن أَنا نظن أَن طَلْحَة وَالزُّبَيْر كَانَا على ضلال؟ فَقَالَ: يَا حَار؛ إِنَّك ملبوسٌ عَلَيْك؛ إِن الْحق لَا يعرف بِالرِّجَالِ، فاعرف الْحق تعرف أَهله. وَكَانَ ﵇ يَقُول فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِن ذُنُوبِي لَا تَضُرك، وَإِن رحمتك إيَّايَ لَا تنقصك فَاغْفِر لي مَا لَا يَضرك، وَأَعْطِنِي مَا لَا ينْقصك. وَقيل لَهُ: كم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض؟ فَقَالَ: دوةٌ مستجابةٌ وَقيل لَهُ: كم بَين الْمشرق وَالْمغْرب؟ فَقَالَ: مسيرَة يومٍ للشمس من قَالَ غير هَذَا فقد كذب. وَسُئِلَ عَن عُثْمَان، فَقَالَ: خذله أهل بدر. وَقَتله أهل مُضر، غير أَن من نَصره لَا يتسطيع أَن يَقُول خذله من أَنا خير مِنْهُ. وَوَاللَّه مَا أمرت بِهِ وَلَا نهيت عَنهُ، وَلَو أمرت بِهِ لَكُنْت قَائِلا، وَلَو نهيت عَنهُ لَكُنْت ناصرًا. اسْتَأْثر عُثْمَان فأساء الأثرة، وجزعتم فأفحشتم الْجزع. وَسَأَلَهُ الْحُسَيْن ﵇ عَن النذالة، فَقَالَ: الجرأة على الصّديق، والنكول عَن الْعَدو. وَذكرت عِنْده ﵇ الْخلَافَة، فَقَالَ: لقد تقمصها ابْن أبي قُحَافَة وَهُوَ يعلم أَن مَحل مِنْهَا القطب، ينحدر عني النسيل وَلَا تترقى إِلَى الطير. فَصَبَرت وَفِي الْحلق شجًا، وَفِي الْعين قذى، لما رَأَيْت تراي نهبًا. فَلَمَّا مضى لسبيله صيرها إِلَى أخي عدي، فصيرها إِلَى ناحيةٍ خشناء تسنع مَسهَا، ويعظم

1 / 186