نثر الورود شرح مراقي السعود
محقق
علي بن محمد العمران
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
٢٢ - كلام ربّي إن تعلق بما ... يَصحُّ فِعْلًا للمكلف اعلما
٢٣ - من حيث إنه به مكلفُ ... فذاك بالحكم لديهم يعرفُ
يعني أن الحكم الشرعي في الاصطلاح هو: كلام اللَّه المتعلق بما يصح أن يكون فعلًا للمكلف من حيث إنه مكلف به، فأشار بقوله: "كلام اللَّه" إلى أنه لا حكم ألبتَّة إلَّا للَّه، قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام/ ٥٧] والنبي ﷺ مبلِّغ عن اللَّه، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل/ ٤٤] وجميع ما في السّنَّة داخل في القرآن لقوله: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ الآية [الحشر/ ٧]، وقوله: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء/ ٨٠]، وقوله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ الآية [آل عمران/ ٣١].
واحترز بقوله: "المتعلق بما يصح فعلًا للمكلف" عن المتعلق بما لا يصح فعلًا له، ككلام اللَّه المتعلق بذاته وصفاته نحو: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام/ ١٠٢]، وككلامه المتعلق بذاوت المكلفين نحو قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ [الأعراف/ ١١]، وقوله: ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ [الروم/ ٤٠]، وككلامه المتعلق بالجمادات نحو: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾ [الكهف/ ٤٧] ونحو ذلك.
وإنما عَدَل المؤلِّف عن عبارة الأصوليين بقولهم: "المتعلق بفعل المكلف" إلى قوله: "بما يصح أن يكون فعلًا للمكلف" لِيُدْخِلَ المعدومَ وقت كلام اللَّه بذلك الحكم. واحترز بقوله: "من حيث إنه به مكلف" عن كلامه المتعلق بما يصح فعلًا للمكلف من حيثية أخرى نحو قوله:
1 / 9