جعله القرآن الكريم بنصه الصريح حقا مفروضا للمؤلفة قلوبهم، ايثارا لرأى رآه في ذلك، ثم اعتذر عن الخليفة. فقال: " وليس معنى ذلك ان عمر قد ابطل أو عطل نصا قرآنيا، ولكنه نظر إلى علة النص لا إلى ظاهره، واعتبر اعطاء المؤلفة قلوبهم معللا بظروف زمنية اي موقتة وتلك هي تألفهم واتقاء شرهم عندما كان الاسلام ضعيفا، فلما قويت شوكة الاسلام وتغيرت الظروف الداعية للعطاء، كان من موجبات النص ومن العمل بعلته (1) ان يمنعوا من هذا العطاء ". قلت: لا يخفى ان النص على اعطائهم مطلق، واطلاقه جلي في الذكر الحكيم وهذا مما لا خلاف ولا شبهة فيه، وليس لنا ان نعتبره مقيدا - والحال هذه - أو معللا بشئ ما الا بسلطان من الله تعالى أو من رسوله، وليس ثمة من سلطان (2). فمن اين لنا ان نعتبر اعطاءهم معللا بظروف زمنة موقتة، هي تألفهم حينما كان الاسلام ضعيفا دون غيره من الازمنة ؟. على أنا لو أمنا من شر المؤلفة قلوبهم في عهد ما فان دخولهم في الاسلام
---
(1) لا علة هنا يدور الحكم مدارها وجودا وعدما، ليكون الاخذ بها من موجبات النص، فان تألف من جعل الله لهم هذا السهم في الصدقات ليس بعلة للحكم الشرعي، وانما هو من الحكم والمصالح التى لوحظت في اشتراعه والاصوليون يعلمون ان العلة في الحكم شى والحكمة التى هي المصلحة في اشتراعه شئ آخر. ألا ترى ان المصلحة في وجوب العدة على المطلقات المدخول بهن انما هي حفظ أنساب الاجنة اللواتى قد يكن في أرحامهن ؟ !. ومع ذلك فعدة المدخول بها منهن مما لابد منه اجماعا حتى لو علم عدم حملها ! (منه قدس). (2) ونزول النص في أول الاسلام وعندما كان الاسلام ضعيفا ليس من تقييده في شئ كما لا يخفى (منه قدس).
--- [47]
صفحة ٤٦