صنع كلسون عدد 2
4
1
صنع تطريز
ثم ذكر أن الخياط أنزل له شيئا قليلا من أجرة الكلسونين.
وكان نابوليون يهتم بتعليم أخيه في بعض أوقاته الحرة ويصرف الباقي منها في الكتابة الأدبية؛ لأنه كان يرجو منها بعض الربح المادي، ولقد كابد نابوليون تلك الحال بصبر وحزم ولم يظهر شيئا من التذمر والتأنف، قال المسيو جولي الذي قابله وهو على تلك الحال: إني رأيت نابوليون طلق المحيا، ولما دخلت عليه قال لي: «لا شك في أنك لم تحضر القداس هذا الصباح فتعال إذا شئت لأسمعك إياه»، ثم أخرج من صندوق ملابس كهنوتية لقسيس الألاي ...
وقال المسيو سوجور: إن عناية نابوليون بأخيه زادت احترام الناس له فأخذوا يبالغون في إكرام وفادته، ولكن زياراته للناس كانت نادرة جدا، وقيل إن الآنسة بيليه كانت تأسف لقلتها وإن مدام نودين كانت تنظر بعين السرور إلى زيارته لزوجها ...
ولكن نابوليون وقف في أوائل المنحدر فلم يهو في درك الهوى، وقد كتب حديثه عن الحب وهو في أوكسون نفسها فقال: «إني أرى الحب مضرا بمصلحة المجتمع وبسعادة الفرد، وأرى على وجه الجملة أن ضرره أكثر من نفعه.»
وليس بعجيب أن يصدر مثل هذا القول عن شاب لا يجد رزقه ورزق أخيه إلا بشق النفس وتراكم الشغل، فإن الحب لا ينمو عادة في قلب مشغول بالماديات، كما أن الزرع اللطيف لا يعيش في أرض كثيرة الأشواك، وسيرى القارئ من رسائل الحب التي أرسلها نابوليون بعد ارتقائه، أن قلب البطل الكورسيكي كان يخفق بين ضلوعه شوقا وغراما، كما يخفق قلب كل إنسان يحب الحسان. •••
وفي مايو سنة 1791 رقي نابوليون إلى رتبة ملازم أول وألحق بألاي المدفعية الرابع، فعاد إلى فالانس ومعه أخوه لويس، وذهب توا إلى غرفته القديمة عند «مدموازيل بو» فوجدها مشغولة فأبى أن يغير عادته وبقي في بيت «بو» حتى خلت الغرفة، وما كانت حالته المالية في ذاك الوقت أفضل مما كانت في أوكسون، فاضطر إلى اجتناب الزيارات والحفلات كما كان يفعل قبل نقله إلى فالانس، وبقي مثابرا على تعليم أخيه لويس، فلم يترك له كثيرا من أوقات الفراغ ولا من المرتب الضئيل، وكان يدفع المبلغ القليل الذي يبقى له بعد النفقة الضرورية قيمة اشتراكه في المطالعة بإحدى المكتبات.
صفحة غير معروفة