سبقه.
ولا ينقل أحد من الرواة أن فعل المعاصي في أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو في أيام الصحابة والتابعين حدث، وقد اختلفوا في كثير من الأحداث عد حدثا في نفسه وأنه ينقض الطهر.
وبعد: فقد بينا أن ما تعم به البلوى ويتكرر حدوثه لا بد من إيراد بيان حكمه موردا يقطع العذر ويثلج الصدر وعلى هذا عولنا في أن مس الذكر لا ينقض الوضوء.
ولو كان فعل المعصية حدثا في نفسه لوجب أن يرد ذلك ورودا يقطع العذر، ويوجب العلم، ويشترك فيه الخاص والعام، كما وجب في أمثاله.
على أن الأمة مجمعة على أن الأحداث كلها ما خرجت من البدن، ثم اختلفوا فيما يخرج من السبيلين، فراعى قوم كونه معتادا، وفرق بينه وبين ما ليس بمعتاد (1) ولا أحد منهم أثبت حدثا ينقض طهرا لا يخرج من البدن، ولا يعترض على هذه الجملة النوم، والجنون، والاغماء، لأن ذلك كله إذا غلب على التمييز لا يؤمن معه خروج الخارج من السبيلين، الذي هو الحدث، فجعلوا ما لا يؤمن معه الحدث حدثا في نفسه والمعاصي خارجة عن هذه الجملة، فكيف يجعل أحداثا؟!
على أنه يلزم على هذا المذهب أن يكون من عصى باعتقاد مذهب فاسد لا يصح وضوؤه ما دام مصرا على هذه المعصية، لأن الدليل قد دل على أن جنس الاعتقاد لا يبقى وإنما يستمر كون المعتقد معتقدا باعتقادات يجددها في كل حال، وإذا كان من ذكرناه يجدد في كل حال اعتقادات هي معاص وكبائر لم يصح له وضوء، وهذا يوجب ألا تصح الصلاة ولا الوضوء ممن هذه حاله، وقد علم خلاف ذلك.
صفحة ١٣٧