الناسخ والمنسوخ
محقق
د. محمد عبد السلام محمد
الناشر
مكتبة الفلاح
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٨
مكان النشر
الكويت
وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ قَوْلَهُ: «لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ» قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] لَيْسَ مِنَ النَّوْمِ وَأَنَّهُ مِنَ الشُّرْبِ حِينَ كَانَ مُبَاحًا وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَبَقِيَ الْبَيَانُ عَنِ الْخَمْرِ الْمُحَرَّمَةِ وَمَا هِيَ؟ لِأَنَّ قَوْمًا قَدْ أَوْقَعُوا فِي هَذَا شُبْهَةً فَقَالُوا: الْخَمْرُ هِيَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَهَذَا ظُلْمٌ مِنَ الْقَوْلِ يَجِبُ عَلَى قَائِلِهِ أَنْ لَا يُحَرِّمَ شَيْئًا اخْتُلِفَ فِيهِ وَهَذَا عَظِيمٌ مِنَ الْقَوْلِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ مَنْ قَالَ: الْخَمْرُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا مُحِلُّهَا كَافِرٌ وَلَيْسَ كَذَا غَيْرُهَا وَهَذَانِ الِاحْتِجَاجَانِ أَشَدُّ مَا لَهُمْ فَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءُوا بِهَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا وَلِتَأْوِيلِهِمْ إِيَّاهَا عَلَى غَيْرِ الْحَقٍّ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: مَا صَحَّ تَحْلِيلُ النَّبِيذِ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةَ وَلَا التَّابِعِينَ إِلَّا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
1 / 153