152

الناسخ والمنسوخ

محقق

د. محمد عبد السلام محمد

الناشر

مكتبة الفلاح

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٨

مكان النشر

الكويت

بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ ⦗٢٧٠⦘ عَمِّهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ ثُمَّ اسْتَتْبَعَهُ لِيَدْفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَشْيَ فَسَاوَمَ قَوْمَ الْأَعْرَابِيِّ بِالْفَرَسِ وَلَمْ يَعْلَمُوا فَصَاحَ الْأَعْرَابِيُّ بِالنَّبِيِّ ﷺ أَتَبْتَاعُهُ مِنِّي أَمْ أَبِيعُهُ فَقَالَ: «أَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا ابْتَعْتُهُ مِنِّي فَأَقْبَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ لَهُ وَيْحَكَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَاهِدٍ فَقَالَ: خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بِمَ تَشْهَدُ؟» قَالَ: أَشْهَدُ بِتَصْدِيقِكَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ " فَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ابْتَاعَ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ، فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ فَصَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّ ثَمَّ وَجْهًا يُخَرَّجُ مِنْهُ لَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ رَوَى عَنِ، ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] قَالَ نُنْسِهَا نَتْرُكُهَا، هَكَذَا يَقُولُ الْمُحْدِثُونَ وَالصَّوَابُ نَتْرُكُهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي هَذَا مَعْنًى لَطِيفٌ شَرَحَهُ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيَّنَ مَعْنَى ذَلِكَ قَالَ نَنْسَخُهَا نُزِيلُ حُكْمَهَا بِآيَةٍ غَيْرِهَا وَ﴿نُنْسِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] نُزِيلُ حُكْمَهَا بِأَنْ نُطْلِقَ لَكُمْ تَرْكَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ﴾ [الممتحنة: ١٢] الْآيَةَ ثُمَّ أَطْلَقَ لِلْمُسْلِمِينَ تَرْكَ ذَلِكَ مِنْ ⦗٢٧١⦘ غَيْرِ آيَةٍ نَسَخَتْهَا، فَكَذَا ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] وَكَذَا ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَأَمَّا النَّسْخُ فَكَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، وَأَمَّا النَّدْبُ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ إِلَّا بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ: لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ إِلَّا فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ فِي الْآيَةِ كَذَلِكَ، فَقَوْلٌ شَاذٌّ، الْجَمَاعَةُ عَلَى خِلَافِهِ

1 / 269