ومن الباطل: الغناء، والشعر المذكور في القدود، والخدود، والشعور، والخمور، وما يرجع إلى ذلك، والزمر، والطبلن والشبابة، ونحو ذلك، وإن قيل بجواز بعض ذلك، فقول من لا يعتد قوله.
فقد جاء في تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ النّاسِ مَن يَشتَري لَهوَ الحَديثِ) أنه الغناء، وسئل مالك عنه فقال: أمن الحق هو قالوا: لا، قال: (فَماذا بَعدَ الحَقِّ إِلاَّ الضَّلل) وقال ابن المبارك: السماع ينبت النفاق في القلب وقال بعض السلف: السماع مرقاة الزنا.
وقال الشيخ أبو العباس المرسي ﵁: من كان من فقراء هذا الزمان آكلا لأموال الظلمة، مؤثرا للسماع ففيه نزعة يهودية، قال سبحانه: (سَمَّاعونَ لِلكَذِبِ أَكَّالونَ لِلسُّحتِ) .
وقال الشيخ أبو الحسن ﵁: سألت أستاذي عن السماع فأجابني بقوله تعالى: (إِنَّهُم أَلفَوا ءاباءَهُم ضالِّينَ) وقال ابن العربي: السماع في هذا الزمان لا يحل أن يقول به مسلم.
وقال أيضا: السماع كله بطر، وما سمع الشيوخ الأتقياء إلا تنازلا، لإصلاح أبدانهم لألاّ تنتهك، أو لإخوانهم، حتى يلقوا إليهم الحق في قالب الباطل، مع أنه لا نص من الشارع، بجواز ولا منع، عند توفر الشروط.
وقال ابن مسعود لقوم وجدهم يذكرون جماعة. والله لقد جئتم ببدعة ظلما، أو لقد فقتم أصحاب محمد علما.
ويقال: إن الرقص أحدثه أصحاب السامري لما لقوا العجل. وما ينسبونه للنبي ﷺ من التواجد عند إنشاده: لسعت حية الهوى كبدي....
فباطل، وكذا كل الأحاديث التي يستشهدون بها في هذا النوع.
وسئل مالك عن جماعة، يأكلون كثيرا، وذكرت له أحولهم، فضحك، ثم قال: مجانين هم ومن قال بجواز السماع، فإنما قال ذلك عند توفر شروطه الثلاثة التي هي: وجود الزيادة به في الإيمان، والنشاط به في العبادة.
الثاني: السلامة مما ينكره ظاهر الشرع، كالاجتماع مع النساء، وسماعهن، مما يوجب تحريك الشهوة عندهم، وكذا الأحداث.
والثالث: ألاّ يكون مقصودا غيره على وضعه، من غير رقص، ولا صراخ، ولا إساءة أدب في الذكر، وغيره، مع كون ذلك مرة في العمر، ولا يحضره مقتدى به، إلا مختفيا، والله أعلم.
والصواب لك أن تتكلم، حيث تعلم أنه يشتهى كلامك، إلا لضرورة فادحة بقدرها، كنت في هذا كله كبيرا أو صغيرا، كان المشتهى ذكرا أو أنثى.
ويحرم الإطراء بالمدح، والمدح بالمحرم، كالظلم بما يقوي عليه، أو يرجع إليه، كالشجاعة فيه، والثناء على أهل البدع، والأهواء كالزمخشري وكتابه، إذ في ذلك حط لأهل السنة، وترفيع له عليهم، ودلالة للخلق على ما فيه مهلكة، وإن سلم منها، فلا يسلم منها غيره، وربما كان سبب تورطه ثناؤه، وقال ﷺ: (لا تقولوا لمنافق سيد فإنه إن كان سيدا فقد أسخطتهم الله تعالى) وقال لرجل مدح عنده رجلا: (قطعت عنق صاحبك) وقال: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) يعني مع اعتقاد إباحته، وقال (ملعون من سب والديه، قالوا: يا رسول الله كيف يسب والديه؟ قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه) وقال لامرأة لعنت ناقة لها: (لا تصحبنا ناقة ملعونة) وقال: (من قال لمؤمن: يا كافر، إن كان كما قال وإلا فقد باء فيها) وقال: (إذا دعى العبد على ظالمه قال الله تعالى: عبدي أنت تدعو على من ظلمك ومن ظلمت يدعو عليك، فإن اردت أن أستجب لك أستجب عليك) وقال: (من حلف بغير دين الاسلام فهو كما قال) يعني إن كان معتقدا تعظيمه، وقال (من حلف بالأمانة فليس منا) وقال: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) وقال: (لا تحلفوا بطلاق ولا عتاق فإنها من أيمان الفساق) . وقال (ويل للصانع من غد وبعد غد، والتاجر من لا والله وبلى والله) وقال: (إن الله يحب أن يحلف به فاحلفوا به فاحلفوا بالله وبروا واصدقوا) وقال: (من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) وقال: (من قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق) .
1 / 8