99

النسمات

تصانيف

كتب أديب دمشقي إلى سيدة تقيم في بيروت ما يأتي:

إننا بفارغ الصبر ننتظر «مينرفا»، وعساها أن تكون أحسن من رفيقاتها اللائي لا يمكن أن نمدح منهن شيئا سوى شجاعتهن ...

الله من هذا المجتمع كيف «يغرف» الانتقادات من بحر جوده ويفرقها على الناس ... وإنني، مع ضآلة رأيي، أخالف الأديب الدمشقي، فمع الشجاعة التي لا يرى سواها في مجلاتنا أرى الكرم ... أرى كرما يفوق كرمه في رش سهام الانتقاد؛ فإنهن يعطين كل ما في قلوبهن من التشوق لرفع البلاد إلى مستوى يرغب فيه الكل، ويعطين كل ما تعلمنه وكل ما قدرن على جمعه، وكل ما يعتقدن أنه صالح، وأنه حسن.

فإذا كان العطاء لا يشفي غلة الذين استقوا من موارد عليا، فهذا لا يدعى تقصيرا؛ لأن النفوس لا تعطي إلا ما أخذت.

فعلى صحافياتنا أن يتابعن التوسع في معارفهن القيمة، ولا يسمحن للأسياد الرجال أن يعيبوا عليهن - كما هم فاعلون - ضربهن على وتر واحد، وبقاءهن في دائرة واحدة ضيقة. عليهن كما يقول صهرنا جورج باز أن «يتخصصن».

هذه الكلمة شديدة على أذني، فهل لأصحاب الأقلام «المتخصصين» لتهذيب اللغة أن ينحتوا لنا كلمة أفضل من التخصص وما يتفرع منه؟

إن عالم الصحافة واسع، وفيه أمور كثيرة غير الخياليات والاجتماعيات وواجبات المرأة، ونظريات الناس في الزواج وتدبير المنزل إلخ ...

المجال فسيح جدا لصحافياتنا، وما عليهن إلا أن يتهافتن بجد على العلم الغربي من باب لغة من اللغات الأجنبية؛ لأن العلم كما يقول - بحق - الدكتور «طه حسين» قد أصبح غربيا خالصا، وليس لنا فيه نصيب قومي، ويجب أن نندفع في الطريق العلمية اندفاعا لا حد له إلا مقدرتنا الخاصة.

عند هذا، عندما تطلع صحافياتنا بطريقة أعم وأوسع على أمور العالم من علمية وصحية وفنية وسياسية واقتصادية، تزداد معارفهن وتتشعب مواضيعهن، فيكتبن بثقة وجرأة وتمكن، كما تكتب مي مثلا، التي لم تصل إلى مركزها الأدبي في عيون الناس إلا لكونها ثابرت السنين العديدة على نحت وصقل قواها العقلية، وتصبح مجلاتهن ذخائر قيمة، إذا اذخرت في المكاتب تذخر كآثار جديدة، لا كمجموع نظريات - كذا يقول سادتنا الرجال - ربطها مختلف المباني، ومعناها لا يزيد شيئا عما قرأناه منذ عصر إسحاق والحداد والعازار.

وإنني بعين الفكر أرى مستقبلنا النسائي وضاحا لماعا، ولا يؤلمني الفراغ الموجود في الصحافة وفي كل مكان؛ لأنني أعتبره شريعة طبيعية .

صفحة غير معروفة