وفهمت لماذا يموت أبناء السين على حدود بلادي، ولماذا يسفكون دماءهم في سبيل دعوة جاحدة ناكرة.
فهمت في تلك الساعة معنى الروح القوية العطرية الإلهية المنبثقة من تربة بلادي، تلك الروح الجذابة التي خطفت أبصار شعوب الأرض، تلك الروح الحسودة التي حفظت هذا القطيع وأبقته كما كان منذ آلاف السنين، ينظر إلى أصناف البشر تمر وتمر وتمر وهو جامد يسمع وينظر ولا يتأثر.
بورك لكم بأطماعكم أيها الناس. تقول بلادي.
بورك لكم بهذه المدنيات السريعة الاندثار كأزهار الربيع.
بورك لكم بأصنامكم ومعدات هلاككم.
أما أنا فلا أزال منذ أقدم أزمنة التاريخ أنظر إليكم تدفنون وتندثرون أمة بعد أمة، ودولة بعد دولة.
تأملوا، أيها الناس، بقوة كياني! تأملوا بالأبناء الذين ولدتهم كيف ثبتوا على مصارعة الأيام.
تأملوا بأبنائي كيف لا يزالون إلى اليوم يتكلمون اللغة التي نطق بها سام، واسمعوا أناشيدهم، فهي باقية كما كانت يوم كان رعاة اليهود يعزفزن بالمزمار على جبال جلعاد. •••
أما أنا المرأة الشرقية، الغيورة من مجد الأمم وأعلام الأمم، فلم تشبع نفسي مما قالته بلادي؛ لأن لي نفسا جبارة كالحياة، وطماعة كالموت.
أريد بلادي عزيزة، مناعة، أريدها متشبعة من كل ما اندثر فيها من المدنيات، ومفرقة على العالم دروس العلم والحكمة.
صفحة غير معروفة