وإذا كان مدير «الإيكوده باري» لم يتمكن من تعريفنا بكل فواضل الفتيات، فهو على الأقل قد بدأ عملا شريفا وعادلا وكثيرون سيسيرون على خطته، وها إن لجنة الأعياد في باريز قد قررت أن جائزة «ملكة الربيع» التي تعطى في كل سنة إلى أجمل فتاة لن تعطى من الآن وصاعدا إلا إلى أفضل عاملة، وأسراب العاملات اللائي لقبن «بالنحلات» سينتخبن من بينهن «ملكة النحل».
لتحي النحلات العاملات! ليحي العمل الشريف الذي تحنى له الرءوس! وليحي ابن الوطن الذي يتبرع لنحلات الوطن بأول جائزة من جوائز الفضيلة!
التربية القومية
الحمد لله الذي أوجد فينا من ينادي بالتربية القومية. ما هذا النداء سوى إقرار بفقدانها، فمتى شعر المرء أنه بحاجة إلى الشيء سعى وراءه، وفي السعي إليه نيل له قريب، ومن ينادي بالقومية يصبح بها بشيرا، عاش إذن هذا النداء وعاش البشير.
كنت في عهد الفتوة أحلم لو تصل الإنسانية إلى يوم تختفي فيه الجنسيات والقوميات، وتصبح الأرض كلها جمهورية كبرى رئيسها الله.
وجاء الشباب ومعه حادثات الأيام فأرتني أن الحلم بعيد، والإنسانية لن تصل إلى حد الكمال إلا يوم تمسي كل طوائف البشر في مستوى واحد؛ أي يوم ترتقي كل أمة ضمن قوميتها، ومن ذلك اليوم - منذ تأكدت أن التفاوت بين الأمم يجعل فيها قويا وضعيفا؛ أي آكلا ومأكولا - صرت أعتقد بمبدأ القومية، القومية القوية الطماحة التي ينادي بها الأستاذ بولس الخولي.
هذه القومية لا تأتي - في نظري - إلا عن طريق التربية، وهذه التربية لا يقوم بها إلا كل من تطهرت عاطفته من كل تأثير خارجي، وارتقى عقله فأمن الضلال، وتسامت نفسه فعانقت نفوس الذين إنما مروا على هذه الأرض ليعلموا الناس كيف تكون التضحية.
فجوابي أن قوام التربية القومية هو التضحية.
ومتولي أمرها هو ابن البلاد، هو أنا وأنت أيها القارئ.
أنا ألقي كل الحمل على ابن البلاد؛ لأن من لا يعرف أن يحمل وطنيته كما يحمل يسوع صليبه لا يستحق أن يعيش، وخير لهذه البلاد أن تسكنها أقوام عزيزة من أن تسكنها أمة تدوسها سنابك الخيل صعودا ونزولا، وذهابا وإيابا، فتصبح أمثولة في الخنوع ومثلا في الذل.
صفحة غير معروفة