128

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)

تصانيف

135

وفي العلوم الإلهية الناموسية والشرعية تكثر آيات الأخلاق والمعاد والمجتمع والتاريخ. فالعمل الصالح هو أساس النجاة. وليس للإنسان إلا ما سعى. وطريق النجاة هو طريق إبراهيم، التقوى والعمل الصالح. والسيطرة على النفس فضيلة، عدم الحزن على ما فات أو الفرج بما هو آت. والدار الآخرة نتيجة للتواضع والإصلاح، والحظ العظيم للصابرين. وكل عمل في الدنيا يكون حاضرا للإنسان في الآخرة، خيرا أو شرا، فليس للإنسان إلا ما سعى، وسعيه سوف يرى، ويوفى الجزاء الأوفى. الطريق إلى النجاة الصبر والعفو. والجهاد أكبر عمل صالح، والشهداء هم الذين يشاهدون ربهم بتقدم عمل الإنسان يوم القيامة. ومن لا عمل له يود لو يرد إلى الدنيا فيعمل صالحا وقد باء بالخسران، والحياة امتحان واختبار وليست عبثا. ويأتي كل إنسان فردا. وليس العمل الصالح وحده الصلاة والصوم بل عمارة الأرض والسعي فيها فالدنيا مزرعة الآخرة، والحسد رذيلة.

136

أما المنافقون الضالون فهم العدو الذي يجب الحذر منهم، مأواهم جهنم، يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. ويستمعون إلى غواية الشيطان في النار التي تطلع على الأفئدة، دهورا بلا طعام أو شراب. تستبدل جلودهم لمزيد من العذاب. وهم الذين يؤمنون باللسان وليس بالقلب. وهم في العذاب دوما. يحسبون كل صيحة عليهم. وهم العدو الذي يجب الحذر منهم. ويندم الكافرون ويتمنون أن يكونوا ترابا أو العودة إلى الدنيا والعمل صالحا أو طلب الشفاعة مع إنهم لو ردوا لعادوا إلى نفس الأفعال، أفرادا وجماعات، لا فرق بين الإنسان والجن. يودون التعمير في الأرض، وهذا لا يعفيه من العذاب.

137

وتظهر عديد من الأحوال والمقامات الصوفية كرصيد للأخلاق كأفعال لبواطن القلوب. فالتوبة طريق التحول من السيئات إلى الحسنات وتجاوز غواية الشيطان كما فعل آدم. والله يقبل التوبة لمن أناب. والشكر على النعم من طباع الإنسان. والتقوى خير زاد في الرحال. والصبر طريق الفوز، والذي لا يصبر يظن بالله ظن السوء، والتوحيد طريق لقاء الله وليس الشرك. والعفو والصفح والمغفرة من أفعال الله ومن أخلاق الإنسان. والخوف من الله طريق النجاة، بل إن الملائكة يخشون الله ويطيعونه، وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله. والتفكر طريق إلى الله، وكذلك التوكل سعي إليه.

138

ولا يوجد اصطفاء أو اختيار كطريق للنجاة. لا توجد ولاية أو محبة أبدية بين إله وشعب. إنما الاصطفاء والوراثة للعمل الصالح. فالفعل متبادل بين الفعل الإلهي وفعل الإنسان. هو فعل الشرط والفعل الإلهي جواب الشرط. والدعاء يجلب الفرج. والرضا متبادل بين الإنسان والله، ويؤوله الإخوان على أنه رضا بالقضاء والقدر. والإيمان بالمصائب دليل على التقوى وليس الخير. ثم إذا جاء الشر جلب الكفر. واتباع أحسن القول يؤدي إلى النجاة، الإيمان بالله وطاعة رسوله وتجاوز الدنيا إلى الآخرة. والزهد شرط العلماء، والعلماء هم الزهاد. العمل أساس النظر، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني عنه. ومن ظلم فإنما يظلم نفسه.

139

والوعد حق. وتأتي الساعة فجأة كلمح البصر وعلى غير انتظار، والخالق هو الباعث، والمحيي هو المميت. وكما بدأت الحياة أول مرة فإنها تعود ويعرج الكل إلى الله في يوم مقداره خمسون ألف سنة. واليوم عند الله ألف سنة مما يعد الناس. والزمان نفسي، ويوم البعث لا يدرك الخاسر الزمان، ويظن أنه قام بعد ساعة. ولها أسماء عديدة: يوم البعث، يوم الدين، يوم الحشر، يوم الخروج، يوم تقوم الساعة. والروح من أمر الله ولم يؤت الإنسان من العلم إلا قليلا.

صفحة غير معروفة