51

نقد الشعر

الناشر

مطبعة الجوائب

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٠٢

مكان النشر

قسطنطينية

جهة المضادة أو السلب والإيجاب أو غيرها من أقسام التقابل، مثل قول أبي الشغب العبسي: حلوُ الشمائِل، وهوَ مرٌّ باسلٌ ... يحمِي الذمارَ صبيحةَ الإرهاقِ فقوله: حلو ومر: تكافؤ. ومثل قول أم الضحاك المحاربية: كيفَ يسامِي خالدًا أو ينالهُ ... خميصٌ من التقوى بطينٌ من الخمرِ فقولها: خميص وبطين: تكافؤ، ومثل قول طرفة: بطيءٍ عن الجلَّى سريعٍ إلى الخنَا ... ذليلٍ بأجماعِ الرجالِ ملهدِ فقوله: سريع وبطيء: تكافؤ، ومثل قول زهير: حلماءُ في النادِي إذا ما جئتهمْ ... جهلاءُ يومَ عجاجةٍ ولقاءِ فقوله: حلماء وجهلاء: تكافؤ، ومثل قول حميد بن ثور الهلالي: فلمْ أرَ محزونًا له مثلُ صوتهَا ... ولا عربيًا شاقهُ صوتُ أعجمَا فقوله: عربي وأعجم: تكافؤ، ومثل قول الآخر: بطاءٌ عن الفحشاءِ لا يحضرونَهَا ... سراعٌ إلى داعِي الصباحِ المثوبِ ومثل قول العباس بن مرداس: مطهَّمًا خلقهُ شثْنًا سنابكهُ ... صعْلًا على أن في الجنبينِ إجفارَا فجعل: صعلًا مكافئًا لمجفر، ومثل قول الفرزدق: فتَى السنِّ كهلُ الحلْم قد عرفتْ لهُ ... قبائلُ ما بينَ الدنا وإيادِ فقوله: فتى: مكافأة لقوله: كهل، وقال الفرزدق أيضًا: لعمرِي لئنْ قلَّ الحصَى في رجالكُم ... بني نهشلٍ ما لؤمكمْ بقليلِ فهذا ضرب من المكافأة من جهة السلب، ومنه قول خولة بنت عيينة بن مرداس، هو ابن فسوة الشاعر: يحكُّ بحامِي أيرهِ باردَ استهَا ... كما استولجتْ ظمياءُ أيرَ ابن غالبِ فكافأت بقولها حامي كذا وبارد كذا. ومن هذه الجهة استجاد الناس قول دعبل، حين روي عنه أنه قال: أن ابن قولي: لا تعجبِي يا سلمَ منْ رجلٍ ... ضحكَ المشيبُ برأسهِ فبكَى لأن ضحك وبكى: مكافأة. وقد أتى المحدثون من التكافؤ بأشياء كثيرة، وذلك أنه بطباع أهل التحصيل والروية في الشعر، والتطلب لتجنيسه، أولى منه بطباع القائلين

1 / 52