نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد
محقق
رشيد بن حسن الألمعي
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1418هـ - 1998م
مكان النشر
السعودية
أرأيتم إذا تأولتم أن يد الله نعمته أفيحسن أن تقولوا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يطوي الله السموات بيمنيه يوم القيامة ) أنه يطويها بنعمته أم قوله ( المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن ) وكلتا نعمتي الرحمن نعمة واحدة هذا أقبح محال وأسمج ضلال وهو مع ذلك ضحكة وسخرية ما سبقكم إلى مثلها أعجمي أو عربي أم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الصدقة تقع في يدي الله قبل يدي السائل ) أنها تقع في نعمتي الله أم قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه خلق الله الخلق فكانوا في قبضته أي نعمته قال لمن في نعمته اليمنى ادخلوا الجنة وقال لمن في نعمته الأخرى ادخلوا النار أم قول ابن عمر خلق الله أربعة أشياء بيده ثم قال لسائر الأشياء كن فكان أفيجوز أن تقولوا خلق الله أربعة أشياء بنعمته ورزقه ثم قال لسائر الخلق كونوا بلا نعمة ولا رزق فكانوا
قد علمت أيها المريسي أن هذه تفاسير مقلوبة خارجة من كل معقول لا يقبله إلا كل جهول فإذا ادعيت أن اليد عرفت في كلام العرب أنها نعمة قلنا لك أجل ولسنا بتفسيرها منك أجهل غير أن تفسير ذلك يستبين في سياق كلام المتكلم حتى لا يحتاج له من مثلك إلى تفسير إذا قال الرجل لفلان عندي يد أكافئه عليها علم كل عالم بالكلام أن يد فلان ليست ببائنة منه موضوعة عند المتكلم وإنما يراد بها النعمة التي يشكر عليها
وكذلك إذا قال فلان لي يد وعضد وناصر علمنا أن فلانا لا يمكنه أن يكون نفس يده عضوه ولا عضده فإنما عني به النصرة والمعونة والتقوية فإذا قال ضربني فلان بيده وأعطاني الشيء بيده وكتب لي بيده استحال أن يقال ضربني بنعمته وعلم كل عالم بالكلام أنها اليد التي بها يضرب وبها يكتب وبها يعطي لا النعمة
صفحة ٢٨٩