============================================================
6 و ا وقوله لنبيه ، صلوات الله عليه وعلى آه : ({ يا أها الناس إني رسول الله إلكم جميعا (1)، وقوله : (وما أرسلناك إلا كافة للناس} (2)، و"الكالهة" فى لغة العرب: فهى الكل لا البعض، فصح وثبت أنه لم يخلقهم للكفر ولا للمعصية ولا للنار، ولا تلك إرادته ولا حكمه.
لقد جعل الله عباذه مطيرين، بها جعل ليي من الاستطاعة .
وانما خلقهم للعبادة والطاعة، لا من حاجة منه إلى ذلك، إذ هو الغنى عن كل شيء من خلقه، وإما خلقهم رحمة لهم، وتفضلا عليهم، ودلالة على الوحدانية وتعريفا بالحكمة، وجعل فيهم الاستطاعة، وخيرهم فيها تخيرا، وركب فيهم المقدرة، وعلم أنهم إن أرادوا، كلهم، العبادة أنهم يقدرون على ذلك، لما معهم من الاستطاعة .
وأنهم إن أرادوا المعصية أنهم يقدرون على ذلك، لما معهم من الاستطاعة ايضا، فامتحنهم، عزوجل، بالأمر والنهى، ليميز المطيع من العاصى، من غير جهل منه بما يختارون، وجعل الثواب للمطيمين والعقاب على العاصين، ثم خيرهم تخييرا، ولم يقرهم قسرا، وقال لهم: من أطاعنى أدخلته جنتى، ومن عصانى آدخلته نارى، بعد امرى ونهى واعذارى وإنذارى، وليس واحد من الفريقين مجبورا على فعله، ولا مقسورا على عمله، ولا مخلوقا اكتسابه . ولا علم الله، تبارك وتعالى، فيه ونيما يختار، بمدخل له فى معصية ولا مخرج له من طاعة، فارمل إليهم الرسل لاثبات الحجة، وقطع العذر، لما مكنهم فيه من الاستطاعة والقوة على قبول الدين، ودلهم على طريق النجاة، وحذرهم من طريق الهلكة، وبين لهم الحق، وقد علم قبل خلق السموات والأرض، من يختار منهم الطاعة ويرغب فى الهدى، وعلم من يصد منهم عن الحق وهختار الكفر والظلم ويتبع الهوى، وليس علمه بذلك نهم، يوجب عليهم حجة، ولا يزيل عنهم فريضة، ولا يوقع لهم عذرا، ولا يترك لهم إلى الاعتلال سبيلا، وقد علم، عز وجل، أن منهم من لا يؤمن، وقد اراد الله، عزوجل، مشهم الايمان طوعا وتخييرا، ولم يرده منهم قسرا ولاجبرا، لأنه لا يغلب إذا أراد الحتم والقهر.
(1) سورة الأعراف : الآية 158.
(2) موره سبا: الأية 28.
صفحة ٣٠