بالعرض لأن بارتفاعه يكون الكائن لا بوجوده وقسط الصورة في الوجود أوفر من قسط المادة لأنها علتها المعطية لها الوجود ويليها الهيولى ووجودها بالصورة - وأما العدم فليس هو بذات موجود على الاطلاق ولا معدومة على الاطلاق بل هو ارتفاع الذات الموجودة بالقوة وليس أي عدم اتفق مبدأ للكائن بل العدم المقارن لقوة كونه أي لا مكان كونه ولهذا ليس العدم الذي في الصوفة مبدأ لكون السيف البتة بل العدم الذي في الحديد فإنه لا يتأتى تكون سيف من صوفة ويتأتى عن الحديد والمادة إذا كان فيها هذا العدم فهو هيولى وإذا كانت فيها الصورة فهي موضوع فكأنها هيولى للصورة المعدومة التي بالقوة وموضوع للصورة الموجودة التي بالفعل وللأشياء الكائنة سببان خارجان أيضا بالذات وهما الفاعل والغاية والغاية هي التي لأجلها توجد وقوم يعدون الآلات من جملة الأسباب والمثل أيضا وليسا هما في الأشياء الطبيعية بالنحو الذي يدعيه القوم وجميع الأشياء الطبيعية تنساق في الكون إلى غاية وخير وليس يكون شيء منها جزافا ولا اتفاقا إلا في الندرة بل لها ترتيب حكمي وليس فيها شيء معطل لا فائدة فيه وليس يكون عن المبدأ الأول المباين فيها فعل قسري ولا خلاف لما توجبه القوة المجبولة فيها منه إلا على سبيل التأدي والتولد - فهذه هي الأصول الموضوعة الكلية في علم الطبيعيين ويتكفل بتصحيح ما ينبغي أن يصحح منها العلم الآلهي.
صفحة ٨٤