213

فصل في أن الفاعل القريب للحركة الأولى نفس

فيجب أن تعلم أن العلة القريبة للحركة الأولى نفس لا عقل وأن السماء حيوان مطيع لله عز وجل فنقول إما بينا في الطبيعيات أن الحركة لا تكون طبيعية للجسم على الاطلاق والجسم على حالته الطبيعية إذ كان كل حركة بالطبع مفارقة ما بالطبع لحالة والحالة التي تفارق بالطبع هي حالة غير طبيعية لا محالة وظاهر أن كل حركة تصدر عن طبع فعن حالة غير طبيعية ولو كان شيء من الحركات مقتضى طبيعة الشيء لما كان شيء من الحركات باطل الذات مع بقاء الطبيعة بل الحركات إنما تقتضيها الطبيعة لوجود حال غير طبيعية إما في الكيف كما إذا استحر الماء بالقسر - وأما في الكم كما يذبل البدن الصحيح فيها ذبولا مرضيا - وأما في المكان كما إذا نقلت المدرة إلى حيز الهواء وكذلك إن كانت الحركة في مقولة أخرى والعلة في تجدد حركة بعد حركة تجدد الحال الغير الطبيعية وتغيير البعد عن الغاية فإذا كان الأمر على هذه الصفة لم تكن حركة مستديرة عن طبيعة وإلا كانت عن حالة غير طبيعية إلى حالة طبيعية فإذا وصلت إليها سكنت ولم يجز أن يكون فيها بعينها قصد إلى تلك الحالة الغير الطبيعية لأن الطبيعة ليست تفعل باختيار بل على سبيل تسخير وسبيل ما يلزمها بالذات فإن كانت الطبيعة تحرك على الاستدارة فهي تحرك لا محالة إما عن أبن غير طبيعي أو وضع غير طبيعي هربا طبيعيا عنه وكل هرب طبيعي عن شيء فمحال أن يكون هو بعينه قصدا طبيعيا إليه والحركة المستديرة تفارق كل نقطة وتتركها وتقصد في تركها ذلك كل النقط وليست تهرب عن شيء إلا وتقصده فليست إذا الحركة المستديرة طبيعية.

صفحة ٢١٣