166

في نفسها غير ذي جزء باعتبار نفسها البتة لعدمها الامتداد في حد نفسها فيكون ما هو متقوم بأنه لا جزء له يعرض له أن يبطل عنه ما يتقوم به بالفعل لورود عارض عليه فتكون حينئذ للمادة منفردة صورة غير عارضة بها تكون واحدة بالقوة والفعل - وصورة أخرى عارضة بها تكون غير واحدة بالفعل فيكون بين الأمرين شيء مشترك هو قابل للأمرين من شأنه أن يصير مرة ليس في قوته أن ينقسم ومرة في قوته أن ينقسم أعني القوة القريبة التي لا واسطة لها فلنفرض الآن هذا الجوهر قد صار بالفعل اثنين وكل واحد منهما بالعدد غير الآخر وحكمه أن يفارق الصورة الجسمانية فليفارق كل واحد منهما الصورة الجسمانية فيبقى كل واحد منهما جوهرا واحدا بالقوة والفعل ولنفرضه بعينه لم يقسم إلا أنه أزيل عنه الصورة الجسمانية حتى بقي جوهرا واحدا بالقوة والفعل فلا يخلوا إما أن يكون هذا الذي بقي جوهرا وهو غير جسم بعينه مثل الجزء الذي بقي كذلك أو يخالفه. فإن خالفه فلا يخلو إما أن يكون لأن هذا بقي وذلك عدم أو بالعكس أو كلاهما بقيا - ولكن يختص بهذا كيفية أو صورة لا توجد لذلك أو يختلفان بالمقدار. فإن بقي أحدهما وعدم الآخر والطبيعة واحدة متشابهة وإنما أعدم أحدهما رفع الصورة الجسمانية فيجب أن يعدم ذلك بعينه الآخر وإن اختص بهذا كيفية واحدة والطبيعة واحدة ولم يحدث حالة إلا مفارقة الصورة الجسمانية لم يحدث مع هذه الحالة إلا ما يلزم هذه الحالة فيجب أن يكون حال الآخر كذلك. فإن قيل إن الأولين وهما إثنان يتحدان فيصيران واحدا: فنقول من المحال أن يتحد جوهران لأنهما إن اتحدا وكل واحد منهما موجود فهما إثنان لا واحد وإن اتحدوا أحدهما معدوم والآخر موجود فالمعدوم كيف يتحد بالموجود وإن عدما جميعا بالاتحاد وحدث شيء ثالث فهما غير متحدين بل فاسدين وبينهما وبين الثالث مادة مشتركة. وكلامنا في نفس المادة لا في شيء ذى مادة - وأما إن اختلفا في القدر فيجب أن يكونا وليس لهما صورة جسمانية ولهما صورة مقدارية هذا خلف - وأما إن لم يختلفا بوجه من الوجوه فيكون حينئذ حكم الشيء مع غيره وحكمه وحده من كل جهة واحدا هذا خلف. فبقي أن المادة لا تتعرى عن الصورة الجسمية.

صفحة ١٦٦