بذاتها فذاك وإن لم تكن فإنها تصيرها مجردة بتجريدها إياها حتى لا يبقى فيها من علائق المادة شيء وسنوضح هذا بعد وهذه القوة النظرية لها إلى هذه الصور نسب وذلك لأن الشيء الذي من شأنه أن يقبل شيئا قد يكون بالقوة قابلا له وقد يكون بالفعل والقوة تقال على ثلاث معان بالتقديم والتأخير فيقال قوة للاستعداد المطلق الذي لا يكون خرج منه إلى الفعل شيء ولا أيضا حصل ما به يخرج - وهذه كقوة الطفل على الكتابة ويقال قوة لهذا الاستعداد إذا كان لم يحصل للشيء إلا ما يمكنه به أن يتوصل إلى اكتساب الفعل بلا واسطة كقوة الصبي الذي ترعرع وعرف القلم والدواة وبسائط الحروف على الكتابة ويقال قوة لهذا الاستعداد إذا تم بالآلة وحدت مع الآلة أيضا كمال الاستعداد بأن يكون له أن يفعل متى شاء بلا حاجة إلى الاكتساب بل بكيفية أن يقصد فقط كقوة الكاتب المستكمل للصناعة إذا كان لا يكتب والقوة الأولى تسمى قوة مطلقة وهيولانية والقوة الثانية تسمة قوة ممكنة والقوة الثالثة تسمى ملكة وربما سميت الثانية ملكة والثالثة كمال قوة. فالقوة النظرية إذا تارة تكون نسبتها إلى الصورة المجردة التي ذكرناها نسبة ما بالقوة المطلقة حتى تكون هذه القوة للنفس التي لم تقبل بعد شيئا من الكمال الذي يحسبها. وحينئذ تسمى عقلا هيولانيا. وهذه القوة التي تسمى عقلا هيولانيا موجودة لكل شخص من النوع. وإنما سميت هيولانية تشبيها بالهيولى الأولى التي ليست هي بذاتها ذات صورة من الصور وهي موضوعة لكل صورة: وتارة نسبة ما بالقوة الممكنة. وهي أن تكون القوة الهيولانية قد حصل فيها من الكمالات المعقولات الأولى التي يتوصل منها وبها إلى المعقولات الثانية. وأعني بالمعقولات الأولى المقدمات التي يقع بها التصديق لا باكتساب ولا بأن يشعر المصدق بها أنه كان يجوز له أن يخلو عن التصديق بها وقتا البتة مثل إعتقادنا بأن الكل أعظم من الجزء وأن الأشياء المساوية شيء واحد متساوية فما دام إنما يحصل فيه من العقل هذا القدر بعد فإنه يسمى عقلا بالملكة. ويجوز أن يسمى هذا عقلا بالفعل بالقياس إلى الأولى لأن تلك ليس لها أن تعقل شيئا بالفعل - وأما هذه فإنها تعقل إذا أخذت تقيس بالفعل. وتارة تكون له نسبة ما بالقوة الكمالية وهذا أن يكون حصل فيها أيضا الصورة المعقولة الأولية إلا أنه ليس يطالعها ويرجع إليها بالفعل بل كأنها عنده مخزونة فمتى شاء طالع تلك الصورة بالفعل فعقلها وعقل أنه عقلها ويسمى عقلا بالفعل لأنه عقل ويعقل متى شاء بلا تكلف واكتساب. وإن كان يجوز أن تسمى عقلا بالقوة بالقياس إلى ما بعده. وتارة تكون لها نسبة ما بالفعل
صفحة ١٣٧