أقول: ولا أدري ماذا أقول من البيان إثر هذا الهذيان إلا إن الفنون جنون إنا لله وإنا إليه راجعون، وإذا لم يعرف الفرق بين (إن) و(كأن) فأنا له أن يتعاطى الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية ولعله لم يعرف أن (كأن) كلمة موضوعة للتشبيه تعمل بنفسها عمل إن وأيضا فأي داع للفرق بين (إن) و(أن)، وإن محل الاستدلال من قول رؤبه إنما هو عود الضمير إلى جميع ما تقدم إنما هو من قواعد العربية وإذا لم يفهم ما يقول فأنى له أن يقول في بيان المنقول والمعقول { قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون } (¬1) قوله وأيضا فرؤبه هذا عربي واحد لا ينتهض كلامه لرد القرآن ولا يعرض القرآن على كلامه بل كلامه معروض على القرآن ومحجوج به، فإذا كان حبر الأمة ابن عباس لا يعارض القرآن الكريم بكلامه ولا بكلام غيره صحابيا كان أو غير صحابي فما ظنك إن سلمنا لقوله وتركنا ظاهر النص. أه.
أقول: هذه واحدة من تلك، فإنه فهم من الاستدلال ببيت رؤبه رد الكتاب فقام لنقضه وليت شعري هل هو عارف ما معنى كلامه هنا وما فيه من التعسف الذي هو أعدا الشهود على أنه على خطأ مبين فإن رد الكتاب هو أن يترك حكمه على سبيل الإبطال بحكم آخر، والاستدلال هو تبين أن ما في الكتاب موافق لأصل العربية التي أنزل عليها وهو مما احتاج إليه المفسرون ليستعينوا به على فهم كتاب الله عزوجل وسنة نبيه كما أمر بذلك البحر ابن عباس، وقد استدل في تفسيره بكثير من أشعار العرب ومن وقف على أجوبته لنافع بن الأزرق ظهر له صدق ما ذكرناه وجميع المفسرين على ذلك ولا يعبأ بتخليط هذا المتعسف إلا من كان مثله، فلنكل ما فيه إلى ذهن السامع ولا نلتفت إليه.
قوله: وما ذكره أهل المعاني والبيان من تحقق الظاهر لكلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - أه.
¬__________
(¬1) يونس: 59.
صفحة ٢٩