أقول: أولا أن هذا المتعسف ذكر هذا الكلام عقب قول صاحب الحصول في حمل المطلق على المقيد إذا اتفقا سببا وحكما فقال هو تجد بينهما تباينا بعيد أجل بينهما نسبة تباين وهي مباينة للإطلاق والتقييد فقد سعى لحتفه بظلفه وجدع أنفه بسيفه، ثم قال ثانيا واختلافا جنسا وحكما أقول أولا لهذا القائل ما الفرق بين السبب والجنس وأي شيء هما فانظروا يا أولي الألباب إلى هذا العجب العجاب وأعجب منه أنها عنده مختلفة حكما وأي اختلاف حكما بين الميتة والدم ولحم الخنزير وقد نص الكتاب على تحريم الجميع ولكن قل لهذا المتعسف ما الحكم الشرعي فإنه لا يعرفه أصلا فإن حكم الميتة والدم ولحم الخنزير التحريم، ولو اختلفت حكما لكان بعضها محرما وبعضها غير محرم وأما النجاسة فهي علة للحكم التكليفي الذي هو التحريم والعلة من أحكام الوضع لا التكليف وقد قررنا أن علة تحريم الجميع النجاسة فإن سلم أخذه من الآية كما قررناه أولا وإلا فهو مأخوذ من السنة لشهادة الأدلة التي أوردناها والإجماع يؤكد ذلك.
قوله: ولا يخفاك أن إتخاذ الحكم بين المطلق والمقيد يقتضي حصول التناسب بينهما لجهة الحمل فالحق ما ذهب إليه القائلون بالجمل.
أقول: أولا: أن يخفى لازم وقد عداه بغير صلة، وثانيا: أن معنى كلامه هنا أن المطلق والمقيد إذا اتحدا حكما وجب حمل المطلق على المقيد وإن اختلفا سببا وهو يناقض ما أسفله أولا عند تعبيره بالجنسية عن السببية ولا نعترض لما في عبارته من الفساد لأن من غرضنا الاختصار فنكلها إلى ذهن السامع.
قوله: أمعن النظر في الآية الكريمة تجد فيها النفي الصريح الدال على إبطال زعم من قال بأن الضمير المفرد كناية عن الجميع فإنه صرح بلا النافية في أول وهلة بل في أول مرة منه كما أشار تعالى: { قل لا أجد } فإن النفي معناه الإبطال للوجدان المذكور فافهم ذلك لعل الله ينفعك وتكون ممن تأمل كلام الله العزيز الخ.
صفحة ٢٥