قوله: وأما ما عداهما فإن ورد فيه ما يدل على نجاسته كالروثة وجب الحكم بذلك من دون إلحاق.
أقول: هذا مناقض لكلامه هنالك فإن صرح هنالك بأن الحق الحقيق بالقبول الحكم بنجاسة ما ثبتت نجاسته بالضرورة.. الخ، وذكر هنا أنعه يجب الحكم بما ورد في نجاسته دليل ولو كان بغير ضرورة مثلا واستدال عليه بحديث الروثة الذي لم يشتهر ولم يستفض وإنما هو خبر واحد فما أبعده من الضرورة وقد أوجب الحكم به فإن كان إيجاب الخكم به من غير قبول له فهذا شيء لا يعرفه عاقل وإن كان الإيجاب بعد القبول فقد أثبتت لخبر الأحادي درجة فوق الضرورة ولا مفر من أحدهما.
قوله: وإن لم يرد فالبراءة الأصلية كافية في نفي التعبد يكون الشيء نجسا من دون دليل.
أقول: سلمنا ذلك لكن الدليل بحمد الله تعالى واضح والحق على صوابه لائح وقد أثبتناه في تلك الرسالة ولم يعارضه الخصم بدليل يسمع وسنزيد على ذلك ما يسره الله لنا في خاتمة هذا الاعتراض إن شاء الله تعالى فانتظره.
قوله: والبراءة الأصلية قاضية بأنه لا تكليف بالمحتمل حتى يثبت ثبوتا ينقله عن ذلك.
أقول: هذا أدهى وأمر وأقبح وأشر من جميع ما مر، فإنه قد نفى التكليف بالمحتمل فأي آية وأي سنة لا تقبل الاحتمال ولا التأويل إلا ما كان محكما وهو قليل بالنظر إلى غيره فيلزمه نفي الأحكام الفرعية مطلقا لأنها إنما ثبتت باستنباط العلماء لها من أدلتها المحتملة ولذا تراهم لا يخطئ بعضهم بعضا في التأويل لأن كل منهم متعبد فيها بما هو الراجح عنده وقوله حتى يثبت ثبوتا ينقله عن ذلك لا يزيده من الحق إلا بعدا لأن الإشارة إما أن تكون للاحتمال فيكون آخره مؤكدا لما قبله وإما لغيره ولا دليل عليه وأي ثبوت ينقل المحتمل عن احتماله اللهم أنا لا ندريه إلا أن يكون مجملا فيفسر وهو مختص بزمان الوحي وأما الآن فقد أنسد بابه فكل محتمل فهو باق على احتماله إلى يوم الدين.
صفحة ١١